هذه الاقسام المطابقة للواقع؛ هو التنبيه على الأصل في كل واحد منها، و ان الأصل في الصحيح أن يؤخذ به إلا أن يعرض له ما يوجب الإعراض عنه، كإعراض الاصحاب عنه، أو مخالفته ظاهر الكتاب مع إعراض الأكثر، و الاصل في الضعيف أن لا يؤخذ به الا أن يعتضد بما يشد عضده بموافقة الكتاب او عمل الأصحاب، و الأصل في الاخيرين ان يؤخذ بهما بشرط أن لا يكون من الأول ما يعارضهما إلا أن يعرض عنهما و يخالفهما الكتاب، و ان لا يؤخذ بهما إذا كان هناك ما يعارضهما إلا أن يكونا على وفق الكتاب و عمل الاصحاب...
و لعل أوجز ما في المقام من بيان وجه الحاجة الى هذا التنويع ما ذكره شيخنا البهائي أعلى اللّه مقامه في مشرق الشمسين: ٤ [بصيرتي: ٢٧٠] قال:
تبيين: الذي بعث المتأخرين نوّر اللّه مراقدهم على العدول عن متعارف القدماء و وضع ذلك الاصطلاح الجديد هو انه لما طالت الأزمنة [خ. ل: المدة] بينهم و بين السلف [خ. ل: الصدر السالف] و آل الحال الى اندراس بعض كتب الأصول المعتمدة لتسلط حكام الجور و الضلال و الخوف من إظهارها و انتساخها، و انضم الى ذلك اجتماع ما وصل اليهم من كتب الأصول في [خ. ل: من] الأصول المشهورة في هذا الزمان، فالتبست الأحاديث المأخوذة من الأصول المعتمدة بالمأخوذة من غير المعتمدة، و اشتبهت المتكررة في كتب الأصول بغير المتكررة، و خفي عليهم قدس اللّه أرواحهم كثير من تلك الأمور [خ. ل:
الأصول] التي كانت سبب وثوق القدماء بكثير من الأحاديث و لم يمكنهم الجري على اثرهم في تمييز ما يعتمد عليه مما لا يركن اليه، فاحتاجوا الى قانون تتميز به الأحاديث المعتبرة عن غيرها، و الموثوق بها عما سواها، فقرروا لنا - شكر اللّه سعيهم -، ذلك الاصطلاح الجديد، و قربوا الينا البعيد، و وصفوا الأحاديث الموردة في كتبهم الاستدلالية بما اقتضاه ذلك الاصطلاح من الصحة و الحسن و التوثيق.