١- أقول: لا شبهة أن رواية الحديث بلفظه أولى، و لذا تجد جمهرة الفقهاء ذهبوا إلى ترجيح المروي بلفظه على المروي بمعناه، بل قد يستشم من بعض الروايات لزوم ذلك كما روى عن أبي بصير قال سألت أبا عبد اللّه (عليه السّلام) عن قول اللّه عزّ و جلّ: اَلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ اَلْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ إلى آخر الآية سورة الزمر ١٨/٣٩ فقال: هم المسلّمون لآل محمد (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) الذين إذا سمعوا الحديث لم يزيدوا فيه و لم ينقصوا منه جاءوا به كما سمعوه، كذا ذكره في الكافي: ٣٩١/١ حديث ٨، و حكاه عنه في وسائل الشيعة: ٥٧/١٨ حديث ٢٣، و قريب منه في تفسير الصافي: ٤٦٣/٢، و تفسير نور الثقلين: ٤٨٢/٤، و مجمع البحرين: ٢٣٢/٦ باختلاف يسير.
و ردّ أولا: بالمنع من كونه تقليدا له، بل التعويل عليه من حيث افادته الظن بالمراد، كالتعويل على نقل اللغوي، بل كالتعويل عليه في نقل اللفظ.
و ثانيا: بأنه لو سلّم أن مثل ذلك تقليد فبطلانه ممنوع.
قلت: لم أفهم سند المنع بعد كون حرمة التقليد للمجتهد من المسلّمات.
و ثالثا: بأن الخطاب الشفاهي كثيرا ما يفهم معانيه بطريق الضرورة، فاطلاق القول بأن المعنى يفهم بالاجتهاد ممنوع.
الثالث: ان النقل بالمعنى يوجب اختلال المقصود، و استحالة المعنى، سيما مع كثرة الطبقات و تطاول الأزمنة و تغيير كل منهم للفظ، لاختلاف أهل اللسان بل العلماء في فهم الألفاظ و استنباط المقصود.
و اجيب: بأنا لا نجوّز النقل مطلقا، بل عند خلوصه عن التفاوت و الاختلاف من جميع الجهات - كما عرفت في صدر المقال، و يأتي إن شاء اللّه تعالى في ذيل الكلام - و منع امكانه عادة واضح الفساد، و لو فرض الاشتباه و الغفلة في مورد فهو معفو عنه.
الرابع: ما روى عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) من أنه (صلّى اللّه عليه و آله و سلّم) قال: نضّر اللّه عبدا سمع مقالتي فحفظها و وعاها و أداها كما سمعها، فربّ حامل فقه غير