له ، وأنّه يستحق لأكثر من ذلك الجفاء ،
فكم رأينا ـ واللّه ـ يا ولدي عند هذه المقامات من فتوح السعادات والعنايات ما
أغنانا عن سؤال العباد وعن كثير من الاجتهاد » (١) .
ثمّ ذكر رحمه اللّه في بيان إثبات
النبوّة والإمامة ما يقرب من ذلك البيان ، وسلك نحو المسلك المذكور في معرفة اللّه
تعالى ، وأحال معرفة الأئمة المعصومين عليهم السلام ومعرفة إمامتهم إلى كتاب «
الطرائف » واقتصر في هذا الكتاب على جمل منها .
ونحن بعون اللّه وتوفيقه قد جمعنا
التنبيهات القرآنيّة والهدايات النبويّة والإرشادات الولوية والشواهد العقلية على
العقائد الدينيّة والمسائل من العلم باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر ،
وتفاصيل ذلك أجمع من غير بحث كلامي ، ولا جدل عامي ، ولا نقل آراء ، وحكاية ظنون
وأهواء ، في كتابنا الموسوم ب « علم اليقين في أصول الدين » فمن أراد شيئا من ذلك
فليطلبه من هنالك .
أقول : وكما أنّ المتكلّمين ضيّقوا على
الأنام ما كان سهّله اللّه تعالى من معرفته ومعرفة أنبيائه ورسله واليوم الآخر ،
كما ذكره السيد رحمه اللّه وبيّنه ، فكذلك الفقهاء والمجتهدون ولا سيّما المتأخرين
منهم ، ضيّقوا على الناس ما سهّله اللّه عزّ وجلّ من معرفة شرائعه وحلاله وحرامه
وفرائضه وأحكامه ، وإن كان وسّعوا عليهم من وجه آخر ولكنّه على طريقة لم يرد فيها
إذن من الشارع .
وبيان ذلك انّ اللّه سبحانه بيّن جميع
أحكام الشرع من الأصول والفروع في الكتاب وقال :
« ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ
شَيْءٍ » (٢) وقال : « وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ » (٣)
فمنه آيات محكمات يجب الأخذ بها ، واخر متشابهات قد أمر اللّه عزّ وجلّ الناس أن
يرجعوا فيها إلى أهل الذكر والراسخين في العلم ، فقال : « فَسْئَلُوا أَهْلَ
الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ » (٤) وقال : « وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ
إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ » (٥) وقال : « وَلَوْ رَدُّوهُ
إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ
يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ » (٦) وهم الأئمة المعصومون عليهم السلام كما ورد في
أخبار
______
( ١ ) ـ كشف المحجة : ٢٠ ـ ٢٨ .
( ٢ ) ـ الأنعام ٦ : ٣٨ .
( ٣ ) ـ الأنعام ٦ : ٥٩ .
( ٤ ) ـ النحل ١٦ : ٤٣ ، الأنبياء ٢١ :
٧ .
( ٥ ) ـ آل عمران ٣ : ٧ .
( ٦ ) ـ النساء ٤ : ٨٣ .