ابن داود أنه ـ يعني أبا عثمان المازني ـ إمام ثقة (١) .
وبالجملة هو إمام عصره في النحو والأدب ، أخذ عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري وغيرهم ، وأخذ عنه المبرد وبه انتفع ، ولـه مصنّفات عديدة نقلنا منها ما يناسب الباب .
ونقل في الوفيات عن القاضي بكار بن أبي قتيبة الحنفي البصري أنه قال : ما رأيت نحويّاً قط يشبه الفقهاء إلّا حيّان بن هلال والمازني (٢) المذكور ، وتوفي هذا الشيخ في سنة ثمان وأربعين ومائتين .
والظاهر أن هذا الكتاب في أقسام الألف واللام ومدخولاتهـا ومـوارد استعمالاتها ، وقد كفانا أئمّة العربية والأدبية من توضيح ذلك بما لا مزيد عليه ، من أرادها فليطلبها من مظانّها .
ولهذا الشيخ الجليل الإِمامي حكاية طريقة أدبية لا بأس بذكرها تذكرة لي وللأدباء الماهرين ، وتبصرة للألبّاء الكاملين من المؤمنين ، وهي كما في الروضات نقلاً . عن المبرد : أن بعض أهل الذمة قصده ليقرأ عليه كتاب سيبويه وبذل له مائة دينار في تدريسه فامتنع ، فقلت له : جعلت فداك أتردّ هذه المنفعة مع فاقتك وشدة إضاقتك ؟ فقال : إن هذا الكتاب يشتمل على ثلاثمائة وكذا وكذا آية من كتاب الله عزوجل ولست أرى أن أمكن ذميّاً منها غيرة وحميةً فاتفق أن غنت جارية بحضرة الواثق الخليفة بقول العرجي :
أظلوم إن مصابكم رجلاً |
|
أهدى السلام تحية ظلم |
فاختلف من بالحضرة في إعراب رجل ، فمنهم من نصبه وجعله إسم إذ ، ومنهم من رفعه على أنه خبر ، والجارية مصرة على أن شيخها أبا عثمان
__________________
(١) رجال ابن داود : ٥٨ / ٢٦٤ القسم الأول .
(٢) وفيات الأعيان ١ : ٢٨٣ / ١١٨ .