ويستفاد من كتاب المحقق الماهر صاحب الروضات أن الرجل من علماء العامة ، حيث نقل من رسالة ابن العودي بعد ذكر جملة من مشايخ اُستاذه من العامة بهذه العبارة : إنه كان أكثر هؤلاء المشايخ اُبّهة ومهابة عند والدولة ، وأنه كان إذا حج يجاوز سنة ويقيم بمصر سنة ، ويحج ، وكان معه من الكتب عدّة أحمال ، ذكر شيخنا عددها ولكن ليس في حفظي الآن ، حتّى أنه ظهر له منه التعجب من كثرتها ، فروى له أن الصاحب بن عباد كان إذا سافر يصحب معه جملا سبعين من الكتب بحيث صار ما صحبة. قليلا في جنب ذلك. وذكر أيضاً أنه توفي في سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة بمصر ، ودفن بالقرافة ، وكان يوم موته يوماً عظيماً : بمصر لكثرة الجمع ودفن بجانب قبر الإِمام الشافعي، وبنوا عليه قبة عظيمة (١) ، انتهى .
لكني أشرت إلى مصنفات القوم ليكون تذكرة مني للطالبين ، لعل الله يوفق أحداً لتحصيلها فينتفع بمطالعتها ، فإن كلام القوم أشد تأثيراً في الخاطر واقوى تأثراً في اطمئنان النفس، لما رووه في كتبهم من الفضائل والمناقب ، لعدم وجود الداعي فيهم على وضع ذلك ، وليسوا أيضاً قادرين على كتمان الماثر وإخفاء ما في الدفاتر ، أما تسخيراً من الله القادر، أو إتماماً للحجّة عليهم في يوم بروز السرائر، ليهلك من هلك بتقصيره في حقوقهم عن بيئة ، ويحيا من حيَّ بمحبّتهم وموالاتهم عن : بيّنة .
١٩١ ـ أصل : وهو الأصرم بن جوشب ، الراوي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، وصرح بوشاقته الشيخ النجاشي وصاحب الخلاصة ، ونسيا الكتاب إليه، إلّا أن في كلاميهما أن الرجل عامي ، ويستفاد من رواية محمد ابن خالد البرقي عن كتابه اعتبار الكتاب ، وذكره الشيخ في الفهرست والمعالم ، وأخبر الشيخ عن طريقه إليه برواية البرقي صاحب المحاسن عن
__________________
(١) روضات الجنات ٣ : ٣٥٧ / ٣٠٦ .