وعلى هذا المعنى نجد أنّ الجملة الفعلية
تتّسم بالتغيّر والتبدّل ، أمّا الجملة الاسمية فهي ثابتة. ومثالاً على ذلك قول
النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله) في سورة الفاتحة : «قَسَمْتُ الصَّلاَةَ
بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ ، فَنِصْفُهَا لِي ، وَنِصْفُهَا لِعَبْدِي ،
وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ ، فَإِذَا قَالَ العَبْدُ : الحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ
العَالَمِينَ ، قَالَ اللَّهُ ؛ حَمِدَنِي عَبْدِي ، فَإِذَا قَالَ : الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ ، قَالَ اللَّهُ : أثنى عَلَيَّ عَبْدِي ، وَإِذَا قَالَ : مَالِكِ
يَوْمِ الدِّينِ ، قَالَ : مَجَّدَنِي عَبْدِي ، فَإذَا قَالَ : إِيَّاكَ نَعْبُدُ
وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، قَالَ : هَذَا بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي وَلِعَبْدِي مَا
سَأَلَ ، فَإِذَا قَالَ : اهدنا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ
عَلَيْهِمْ غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ، قَالَ : هَذَا
لِعَبْدِي ، وَلِعَبْدِي مَا سَأَلَ».
فالذي كان لله تبارك وتعالى هي (اَلْحَمْدُ لله رَبِّ
الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ولا يخفى على القارئ أنَّ هذه الألفاظ
أسماء كلّها ، وتدلّ على ثبوت هذه الصفات للحقّ عزّ وجلّ ، فصفاته سبحانه وتعالى
ثابتة له في كلّ زمان ومكان ، لا تخضع لقواعد الزمن والتغيير ، فإذا ما انتقل إلى
القسم الآخر الخاصّ بالعبد ، تغيّرت الجمل إلى جمل فعلية وهي : (إِيِّاكَ
نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ...) فالعبادة والاستعانة لا تكون أحداثاً
ثابتة عند المرء ، وإنّما متغيّرة ومتبدّلة تبعاً لهذا العبد من سواه ، ولذلك جاء
الخطاب بأسلوب الجملة الفعلية.
وقد جاء أسلوب الخطاب في دعاء أهل
الثغور للإمام زين العابدين عليهالسلام
بمجمله بأسلوب الجملة الفعلية ، بوصفه دعاءً ، يسأل الله تبارك وتعالى حاجات
__________________