ونظير هذا المعنى ما ورد في الدعاء نفسه بقوله عليهالسلام : «ولا لأرضهم في نبات». فيستشفّ الباحث من تنكير (نبات) أنّها تفيد العموم لا نباتاً بعينه ، فالإمام عليهالسلام يسأل الله تعالى ألاّ يُنبت في أرض الأعداء نباتاً مهما كان نوع هذا النبات ، وأن تبقى جرداء خالية.
وممّا جاء في القرآن الكريم بهذا المعنى قوله تعالى : (إنّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً) (١). فقد ذكر المفسّرون في تفسير هذه الآية المباركة أنّ موسى عليهالسلام قد طلب من بني إسرائيل أن يذبحوا (بقرة) وقد وردت (بقرة) نكرة والمعنى الذي أفاده التنكير هنا هو العموم والشمول ، أي : إنّهم لو ذبحوا أيّ بقرة لجاز لهم ، ويعضد هذا المعنى حديث النبي الأكرم(صلى الله عليه وآله) : «والذي نفسُ محمّد بيدِه لو اعترضوا بقرةً فذبحوها لأجزأَتْ عنهم ، ولكنْ شدَّدوا فشدّد اللهُ عليهم»(٢) ، ولكن بني إسرائيل ـ ببغيهم وعنادهم ـ أخذوا يسألون موسى عليهالسلام عن هذه البقرة ، فعاقبهم الحقّ تبارك وتعالى بأن جعل لهذه البقرة أوصافاً غالية الثمن ، فجالوا يبحثون عنها «واستقصوا في طلبِ الوصفِ ، فلمَّا تعيَّنت ، لم يجدوها بذلك النعت ، إلاّ عندَ إنسان معيَّن ، ولم يبِعْها إلاّ بأضعافِ ثمنِها»(٣).
ويفهم من هذا المقطع من الدعاء الكريم للإمام عليهالسلام بثُّ روح العزيمة في نفوس المجاهدين والمرابطين ، بأنّ هناك سلاحاً إلهيّاً يسندهم ، فيتحسّسون
__________________
(١) سورة البقرة ، من الآية ٦٧.
(٢) تحفة الطالب بمعرفة أحاديث مختصر ابن الحاجب : ٣٣٥.
(٣) مفاتح الغيب ٣ / ١٢٢.