مِن المعرفةِ ، وهي أشدُّ تَمَكُّناً ، لأنّ النكرةَ أوّلٌ ، ثمّ يَدْخُلُ عليها ما تُعَرِّف به»(١).
وتابعه في ذلك المبرِّدُ أيضاً ، قال : «وأصلُ الأسماء النكرة ، وذلك لأنّ الاسم المنكَّر هو الواقعُ على كلِّ شيء من أمّتِه ، لا يخُصُّ واحداً من الجنس دون سائره ، وذلك نحو : رجل ، وفرس ، وحائط ، وأرض ، وكلُّ ما كان داخلاً بالبِنْيَة في اسم صاحبه فغيرُ مميّز منه ، إذ كان الاسمُ قد جَمَعَهُما»(٢).
ووردت النكرة في دعاء الثغور للإمام زين العابدين عليهالسلام في مواضع متعدّدة ، استشفّ منها الباحث دلالات مختلفة ، ومنها :
١ ـ في قول الإمام السجّاد عليهالسلام : «لا تأذن لسمائهم في قطر ، ولا لأرضهم في نبات».
جاء هذا القول في معرض دعائه على أعداء الإسلام ، وتضمّن دعاءه عليهالسلام على الكفّار والمنافقين الذين يكيدون بالإسلام والمسلمين المكائد ، ويتربّصون بهم الدوائر.
وتبرز دلالة التنكير واضحة في المفردتين (قطر ، ونبات) ومن المعلوم أنّ النكرة تفيد العموم ، فهو عليهالسلام يطلب من الله تعالى أن يمنعَ عنهم جنس القطر قليلاً كان أو كثيراً ، وهذا المعنى أداة تنكير مفردة (قطر) ، فلو جاءت معرفةً لفُهِم منها قطرٌ بعينه ، وهذا المعنى لا يريده المتكلّم ، وإنّما أراد منع جنس القطر عن الأعداء ، ولذلك جيء بـ : (قطر) نكرةً لا معرفة.
__________________
(١) كتاب سيبويه ١ / ٢٢.
(٢) المقتضب ٤ / ٢٧٦.