٣ ـ تطوّر وعمق الفقه الاجتهادي الاستدلالي في حوزة إصفهان :
لقد سار الفقه الشيعي الإمامي في حركة تكاملية عبر تاريخه الطويل ؛ وبواسطة فطاحل الفقهاء ؛ حتّى انتهى إلى المحقّق الثاني علي بن الحسين الكركي (ت ٩٤٠ هـ) في القرن العاشر الهجري ، ومنه إلى الشيخ بهاء الدين محمّد بن الحسن الإصفهاني المعروف بـ : (الفاضل الهندي) (ت ١١٣٧ هـ).
ويتوسّط زمن هذين العلَمين مجموعة كبيرة من الفقهاء ، وضمن حلقات متناسقة متّصلة ساهم كلّ واحد منهم بدوره في تطوير وتجذير وتعميق الفقه الاجتهادي الاستدلالي عند الشيعة الإمامية ، وفي حوزة إصفهان العلمية تحديداً.
ويعدّ كتاب جامع المقاصد ، والذي شرح فيه الكركي كتاب قواعد العلاّمة الحلّي ، من أمّهات الكتب الفقهية المرجعية في الفقه الاستدلالي ، وذلك لقوّة استدلاله ، وعمق مبانيه العلمية ، فقد كان يناقش آراء السابقين بمتانة ، بعد ذكر دلائلهم وبراهينهم ، ثمّ يفنّدها بأُسلوب أجود وأمتن(١).
كما وإنّ كتاب كشف اللثام ، والذي شرح فيه الفاضل الهندي كتاب القواعد للعلاّمة أيضاً ، والذي يعدّ متمّماً لكتاب جامع المقاصد حيث بدأ من حيث انتهى الكركي ، هو الآخر من أمتن وأقوى المتون الفقهية الاستدلالية «حيث بذل فيه
__________________
(١) انظر : جامع المقاصد ١ / ٢٥ المقدّمة.