بتقدير : (ويطرح الحجاب قريباً ما) أي : (طرحاً قريباً) و (ما) على هذا التأويل زائدة لتوكيد القرب(١). ويبدو أنّ توجيه (ما) على أنَّها مصدرية ـ كما ذهب إليه البحراني ـ أولى بالقبول من القول بأنّها زائدة ـ كما ذهب إليه التستري ـ وذلك لما يأتي(٢) :
إنّ الجملة بتقدير (ويطرح الحجاب قريباً) تفقد مزيةَ تقديم الخبر على المبتدأ ، وهو معنى مقصود ، لما فيه من العناية بالقرب ، بمعنى أنّ الموت الذي تستبعدونه قريبٌ جدّاً منكم ، ولما فيه من معنى التهديد برفع عذر تقصيرهم عن الطاعة ببعد الأمل.
إنّه على تقدير التستري تتحوّل الجملة من الاسمية إلى الفعلية ، فتفقد الاسمية بذلك دلالاتها على الثبات والتوكيد ، وهو مطلب مرادٌ هنا.
٤ ـ وفي قوله عليهالسلام : «والهِجْرَةُ قَائِمَةٌ عَلَى حَدِّهَا الأَوَّلِ ، مَا كَانَ لِلَّهِ فِي أَهْلِ الأرْضِ حَاجَةٌ ، مِنْ مُسْتَسِرِّ الأمَّةِ ، ومُعْلِنِهَا»(٣) ، ذكر البحراني قولي الراوندي وابن أبي الحديد في (ما) من قوله عليهالسلام : (ما كان لله) ، إذ ذهب الراوندي إلى أنّ (ما) نافية ، والتقدير : «لم يكنِ لله في أهل الأرض ، ممَّن أسرَّ دينه أو أعلنه وأظهره ، حاجةٌ»(٤) ، وقد ردّ ابن أبي الحديد هذا الرأي بقوله : «وهذا ليس بصحيح ، لأنّه
__________________
(١) ينظر : بهج الصباغة ٤ / ١٢٣.
(٢) ينظر : الدلالة النحوية في بهج الصباغة : ٥٤.
(٣) نهج البلاغة (الخطبة ١٨٩) : ٣٧٥.
(٤) منهاج البراعة ٢ / ٤٣٧.