أنّهما فاعلان لفعل محذوف ، واستدلّ التستري بأنّ الفعل لا يقدّر إلاّ بعد (إنْ وإذا) الشرطيّتين ، كما هو معلوم من مذهب البصريّين(١). وخلُص التستري إلى أنّ (شقوة ، وسعادة) كليهما يحتمل الرفع على أنّه مبتدأ ، فيقدّر له خبر ، أو خبر يقدّر له مبتدأ ، وقرن ذلك بإعراب قوله تعالى : (فَصَبْرٌ جَمِيْلٌ)(٢). فـ : (صبر) خبر أو مبتدأ ، لكونه موصوفاً ، أي : فأمري صبري جميلٌ ، أو فصبرٌ جميلٌ أمثل ، والصبر الجميل : الذي لا شكوى فيه إلى الخلق(٣). ولنا أن نناقش هذه الأقوال في الأمور الآتية :
إنّ ردّ التستري على حبيب الله الخوئي لا يستقيم على إطلاقه ، لأنّ حذف الفعل مع (إنْ ، وإذا) الشرطيّتين إنّما يكون في حال الحذف الواجب ، والخوئي لم يحدّد هنا أنّ الحذفَ حذفٌ واجب ، إذ يجوز حذف الفعل إذا دلّ عليه دليل.
لمّا كان كلام الإمام عليهالسلام أكثره مقتبس من معاني النصوص القرآنية ، كان الاحتمال الأقرب للحذف هو حذف الخبر ، والتقدير : فشقوة لازمة لأنفسكم ، أو سعادة دائمة لها ، بدلالة قوله تعالى(يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمٌ نَفْسٌ إلاّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيْدٌ)(٤) مع إرادة القول بمنع الحذف وتقديره يمكن الاستدلال بأنّ (شقوة لازمة) مبتدأ نكرة موصوفة مكتف عن الخبر ، لردفه بمبتدأ ثان موصوف
__________________
(١) ينظر : المقتضب ٢ / ٧٤ ، ٧٩ ؛ الإنصاف (م٢) / ٦١٥ ـ ٦٢٠.
(٢) سورة يوسف / من الآية ١٨.
(٣) ينظر : معاني القرآن وإعرابه ٣ / ٧٨ ؛ إعراب القرآن (النحّاس) ٢ / ٣٠٨ ؛ الكشّاف ٢ / ٤٥٢ ؛ التبيان في إعراب القرآن ٢ / ٧.
(٤) سورة هود / الآية ١٠٥.