فَشِقْوَةٌ لاَزِمَةٌ ، أَوْ سَعَادَةٌ دَائِمَةٌ ، فَتَزَوَّدُوا فِي أَيَّامِ الفَنَاءِ لأيَّامِ البَقَاءِ»(١).
وقف البحراني عند إعراب (شقوة ، وسعادة) وما يحتملانه من دلالة تناسب السياق فوجّههما على أنّهما خبر لمبتدأ محذوف ، تقديره : فغايتكم ، ورأى أنّ في ذلك تنبيهاً على غايتَي سبيل الحقّ ، وسبيل الباطل ، قال : «نبّه على غايتَي سبيلِ الحقِّ وسبيلِ الباطلِ بشِقْوَة لازمة وسعادة دائمة»(٢) ، ويُفْهَمُ من توجيهِهِ هذا أنّ الجملةَ هنا جملة اسمية دالّةٌ على ثبات الشقوة أو ثبات السعادة ، لأنَّ الجملةَ الاسمية دالّةٌ على الثبات ، فضلاً عن نعتها بـ : (لازمة) و (دائمة) فظهر من تقديره أنّه قسّم الجزاء قسمين : إمّا العذاب أبداً ، أو النعيم أبداً ، وقد تابعه في رأيه هذا أكثر الشرّاح المتأخّرين(٣).
ولم يخالف هذا الرأي إلاّ حبيب الله الخوئي والتستري ، أمّا الخوئي فذهب إلى أنّ (شقوة ، وسعادة) مبتدآن محذوفا الخبر ، ولا يضرّ تنكيرهما ، لكونهما نكرة موصوفة ، والتقدير : «فشقوةٌ لازمةٌ لِمَنْ نكبَ عنها ، أو سعادةٌ دائمةٌ لمَنْ سلكها»(٤) ، ثمّ جوّز «أن يكونا فاعلين لفعل محذوف»(٥).
وأمّا التستري فأنكر رأي الخوئي ، الذي جوّز فيه رفع (شقوة وسعادة) على
__________________
(١) نهج البلاغة (الخطبة ١٥٧) ٢٩٠.
(٢) شرح نهج البلاغة ٣ / ٢٧٠.
(٣) ينظر : شرح نهج البلاغة (محمّد عبده) ١ / ٣٦ ؛ في ظلال نهج البلاغة ٢ / ٤١٢ ؛ شرح نهج البلاغة (محمّد أبو الفضل إبراهيم) ١ / ١٥٨ ؛ توضيح نهج البلاغة ٢ / ٤١١.
(٤) منهاج البراعة ٩ / ٣١٥.
(٥) المصدر نفسه ٩ / ٣١٥.