تعتمد حركات الإعراب للتعبير عن المعاني النحوية هو هدم لها ، وأنّ تجاوز الحركات الإعرابية يسبّب الإبهام والغموض في كثير من الجمل والعبارات حتّى إنّ ابن جنّي يعرّف الإعراب ، بأنّه : الإبانة عن المعاني بالألفاظ (١). فالإعراب يفصح عن المعاني ، ويوضّح العلاقات بين المفردات والجمل.
وقد أولى السيّد المرتضى الإعراب عناية خاصّة ، لأنّها تعينه على فهم النصّ القرآني. وقد حاول إعراب كثير من الألفاظ والآيات القرآنية موضّحاً الوجوه النحوية ومبيّناً المعنى الذي يدور مدار الإعراب.
١ ـ وقد مرّ إعراب (الرّاسِخُوْنَ فِي الْعِلْمِ) في قوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكرُ إِلا أُوْلُواْ الأَلْبَابِ) (٢).
وقد ذكر في إعراب هذه العبارة وجوهاً منها : أن يكون : (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) معطوفاً على اسم الله تعالى ؛ فكأنّه قال : (وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إلاّ اللَّهُ وَإلاّ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ، وأمّا قوله تعالى : (يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ) فقد وقع موقع الحال ، والمعنى : (أنّهم يعلمون قائلين : آمنا به كلّ من عند ربّنا) وهذا في غاية المدحة لهم ، لأنّهم إذا علموا ذلك بقلوبهم وأظهروا التصديق به على ألسنتهم فقد
__________________
(١) الخصائص ١ / ٣٥.
(٢) آل عمران : ٧.