القارّة الهندية بعلاقات تجارية واقتصادية متينة وواسعة تناولت مختلف جوانب
الحياة ، يرجع تاريخها إلى عمق التاريخ لدرجة لا يمكن تحديدها بدقّة ، وإنّما نذكر
شذرات من هنا وهناك كعيّنة وانعكاس عن مدى ومستوى هذا الارتباط ، ففي القرن الثامن
في حقبة الدولة العصفورية التي حكمت منطقة البحرين ، يقول ابن فضل الله العمري عن
تلك العلاقة في كتابه التعريف
بالمصطلح الشريف : «وأمّا عرب البحرين فهم قوم يصلون إلى باب السلطان وصول التجّار ،
ويجلبون جياد الخيل ، وكرام المهاري ، واللؤلؤ ، وأمتعة من أمتعة العراق والهند ،
ويرجعون بأنواع الحباء والأنعام والقماش والسكّر ، وغير ذلك ويكتب لهم بالمسامحة
فيردون ويصدرون».
وهذا النصّ فيه
عدّة دلالات هامّة من أبرزها «فَيرِدون ويصدرون» في إشارة إلى تكرار الرحلة وأنّ
الصفقات الاقتصادية بينهما طويلة ، وأمر آخر «من أمتعة العراق والهند» التي يحتمل
أنّ بعضها كان يرِدُهم عن طريق الحجّاج الذين يصلون الديار المقدّسة من طريق
الأحساء ، فيكون كنوع من التمويل والتجارة مبادلة البضاعة الأحسائية ببضاعة هندية
أو عراقية ، فيكون منها من الوفرة أن يُستفاد منه للتجارة مع المناطق الأخرى.
كما كان ميناء
العقير يصدّر الخيول العربية الأصيلة إلى الهند والتي عُرفت بها الأحساء ، نقل
صاحب مسالك
الأبصار ـ من أعلام
القرن الثامن ـ قال : «حدّثني
__________________