مستحقيها وأولى الناس
بها وهم العلويون. ولكن بعض خواص معز الدولة أشار عليه أن لا يفعل ذلك ، وقال له :
( إنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة ، ولو أمرتهم
بقتله لقتلوه مستحلين دمه ، ومتى أجلست بعض العلويين خليفة كان معك من تعتقد أنت
وأصحابك صحة خلافته ، فلو أمرهم بقتلك لفعلوا ) فأعرض ابن بويه عما كان عزم عليه ،
وأبقى للعباسيين اسم الخلافة ، وانفرد هو بالسلطان.
وما الظن بخليفة كالمستكفى ، لا يجلس فى
كرسى الخلافة منذ استيلاء معز الدولة ابن بويه إلا أربعين يوما ، ثم يخلع لأن معز
الدولة اتهمه بالتدبير عليه ! وهو أضعف من أن يدبر. وقد كان خلعه مأساة مضحكة
مبكية ، فقد دخل عليه اثنان من نقباء الديلم يصيحان وتناولا يده ، فظن أنهما
يريدان تقبيلها ، فمدها إليهما ، فجذباه عن سريره ، وجعلا عمامته فى حلقه ، ونهض
معز الدولة ، واضطراب الناس ، ونهبت الأموال ، وساق الرجلان الخليفة المستكفى
ماشيا إلى دار معز الدولة بن بويه فاعتقل بها ، ونهبت دار الخلافة حتى لم يبق فيها
شىء.
ولقد كان الشريف الرضى فى مستكن الغيب
حين وقعت هذه المأساة ، ولكن ما من شك فى أنها رويت له وهو طفل بعد مولده سنة ٣٥٩ ه
، وما من شك فى أنه حين سمعها تعجب غاية العجب من مآسى الخلفاء.
ولقد ولد الشريف فى الخمس الأخيرة من
خلافة المطيع العباسي ، ثم كان فى الخامسة من عمره حين تولى الطائع الخلافة
العباسية سنة ٣٦٣ ه ، ثم كان فى الثانية والعشرين من عمره حين تولى القادر
الخلافة سنة ٣٨١ ه ، وتوفى فى السنة الخامسة والعشرين من عهد هذا الخليفة.