ذلك بالمجاز الذي علاقته المحلية ، لأن جهنم محل لأهلها ، فكأنه ذكر المحل وأراد الحالّ.
لعلنا قد بلغنا ما نريد من الحديث عن إفاضة الشريف الرضى فى كشفه لوجوه البيان فى القرآن ، وهى إفاضة سيراها القارئ الكريم واضحة فى كل صفحة من الكتاب ، وفى كل موطن من مواطن بيانه.
القرآن الكريم بين الحقيقة والمجاز
لم يكن قبول فكرة ( المجاز ) فى القرآن الكريم أمرا سهلا عند المسلمين جميعا ، فهم مجمعون ـ على اختلاف مللهم ونحلهم ـ على وقوع الحقيقة فيه ، ولا يفترق فى ذلك بعض أصحاب المذاهب عن بعض. والحقيقة عندهم هى كل لفظ بقي على موضوعه ولا تقديم فيه ولا تأخير. وأكثر القرآن من الحقائق. أما المجاز ـ المقابل للحقيقة ـ فالجمهور على أنه واقع فى القرآن ، وإن كان أنكره الظاهرية ، وابن القاص من الشافعية ، وابن خويز منداد من المالكية. وشبهتهم أن المجاز غير الحقيقة ، فهو كذب ، والقرآن منزه عن الكذب ، كما أن المتكلم لا ينصرف عن الحقيقة إلى المجاز إلا إذا ضاقت به الحقيقة أو عجز عن التعبير بها فيستعير ، وذلك محال على الله تعالى القادر المنزه عن العجز. فالمنكرون لوقوع المجاز اللغوي والعقلي فى القرآن يحتجون لذلك بحجتين : أولاهما أن المجاز كذب والكذب محال على الله ، وثانيتهما أن الالتجاء إلى المجاز هو عجز عن التعبير بالحقيقة ، والعجز محال على الله.