جاءوا به على النّسب ، ولم يجيئوا به على الفعل. وعلى ذلك قول النابغة الذّبيانى (١) :
كلينى لهمّ يا أميمة ناصب |
|
و ليل أقاسيه بطيء الكواكب |
أي : ذى نصب. قال فكأن العيشة أعطيت من النعيم حتى رضيت ، فحسن أن يقال : راضية ، لأنها بمنزلة الطالب للرضا ، كما أنّ الشهوة بمنزلة الطالب المشتهى.
وقوله سبحانه : ﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ ، لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ﴾ [ ٤٤ ، ٤٥ ] وهذه استعارة على أحد التأويلات ، وهو أن يكون المراد باليمين هاهنا القوة والقدرة. فيكون المعنى : أنه لو فعل ما نكره فعله لانتقمنا منه عن قدرة ، وعاقبناه عن قوة.
وقد يجوز أن تكون اليمين هاهنا راجعة على النبي صلىاللهعليهوسلم ، فيكون المعنى : لو فعل ذلك لسلبناه قدرته ، وانتزعنا منه قوّته. ويكون ذلك كقوله سبحانه : ﴿ تَنبُتُ بِالدُّهْنِ ﴾ (٢) أي تنبت الدّهن على بعض التأويلات. وكقول الشاعر (٣) :
نضرب بالسيف ونرجو بالفرج
أي نرجو الفرج.
__________________
(١) هو أشهر من أن نعرف به هنا ، وهو من شعراء الجاهلية المقدمين ، وأخباره مع النعمان بن المنذر واعتذاراته له معروفة متعالمة.
(٢) سورة المؤمنون. الآية رقم ٢٠.
(٣) هو النابغة الجعدي كما فى « معجم ياقوت » و « تاج العروس » وقد نقل ذلك عنهما محقق « معجم ما استعجم » للبكرى ص ١٠٢٩. والبيت كاملا هو :
نحن بنو جعدة أرباب الفلج |
|
نضرب بالبيض ونرجو بالفرج |
والفلج بفتحتين : اسم مكان لبنى جعدة من قيس ببلاد نجد.
وفى « القرطين » لابن مطرف : نضرب بالسيف ، مثل رواية مخطوطتنا هذه. ج ٢ ص ٣٠.