وقوله سبحانه : ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ ، كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا ﴾ [١٠] وهذه استعارة. لأن وصف المرأة بأنها تحت الرجل ليس يراد به حقيقة الفوق والتّحت ، وإنما المراد أنّ منزلة المرأة منخفضة عن منزلة الرجل ، لقيامه عليها ، وغلبته على أمرها. كما قال سبحانه : ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ، وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ﴾ (١) . وكما يقول القائل : فلان الجندىّ تحت يدى فلان الأمير. إذا كان من شحنة عمله ، أو متصرفا على أمره. وكما يقول الآخر : لا آخذ رزقى من تحت يدى فلان. إذا كان هو الذي يلى إطلاق رزقه ، وتوفية مستحقه. وذلك مشهور فى كلامهم.
ومن السورة التي يذكر فيها « الملك »
قوله تعالى : ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [١] وهذه استعارة. وقد مضت لها نظائرها فيما تقدم. والمراد بذكر اليد هاهنا استيلاء الملك وتدبير الأمر. يقال : هذه الدار فى يد فلان أي فى ملكه. وهذا الأمر فى يد فلان أي هو المدبّر له.
فمعنى ﴿ بِيَدِهِ الْمُلْكُ ﴾ أي هو مالك الملك ، ومدبّر الأمر.
وقوله سبحانه : ﴿ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ [٤] وهذه من الاستعارات المشهورة. والمراد بها ـ والله أعلم ـ أي كرّر أيها الناظر
__________________
(١) سورة النساء. الآية رقم ٣٤.