إعدادات
تلخيص البيان في مجازات القرآن
تلخيص البيان في مجازات القرآن
المؤلف :أبو الحسن محمّد الرضي بن الحسن الموسوي [ السيّد الرضيّ ]
الموضوع :القرآن وعلومه
الناشر :دار الأضواء
الصفحات :463
تحمیل
وقوله سبحانه : ﴿ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ﴾ [١٠] وقرأ أبو عمرو وحده ﴿ تُمْسِكُوا ﴾ بالتشديد ، وقرأ بقية السبعة ﴿ تُمْسِكُوا ﴾ بالتخفيف. وهذه استعارة. والمراد بها : لا تقيموا على نكاح المشركات ، وخلاط الكافرات ، فكنى سبحانه عن العلائق التي بين النساء والأزواج بالعصم ، وهى هاهنا بمعنى الحبال ، لأنها تصل بعضهم ببعض ، وتربط بعضهم إلى بعض. وإنما سميت الحبال عصما ، لأنها تعصم المتعلق بها والمستمسك بقوّتها. وقال الشاعر :
و آخذ من كل حىّ عصم
أي حبالا. وهى بمعنى العهود فى هذا الشعر.
وقال أبو عبيدة : العصمة : الحبل والسّبب. وقال غيره : العصم : العقد. فكأنه تعالى قال : ولا تمسّكوا بعقد الكوافر ، أي بعقود نكاحهن. وأبو حنيفة يستشهد بهذه الآية على أنه لا عدّة فى الحربية إذا خرجت إلى دار الإسلام مسلمة ، وبانت من زوجها بتخليفها له فى دار الحرب كافرا : ويقول إن فى الاعتداد منه تمسّكا بعصمة الكافر التي وقع النهى عن التمسك بها. ويذهب أن الكوافر هاهنا جمع فرقة كافرة ، كما أن الخوارج جمع فرقة خارجة. ليصحّ حمل الكوافر على الذكور والإناث.
ويكون قوله تعالى : ﴿ وَلا تُمْسِكُوا ﴾ خطابا للنبى صلىاللهعليهوسلم والمؤمنين. والمعنى : ولا تأمروا النساء بالاعتداد من الكفار ، فتكونوا كأنكم قد أمرتموهنّ بالتمسك بعصمهم.
وقال أبو يوسف (١) ومحمد (٢) يجب عليها العدّة.
__________________
(١) أبو يوسف هو يعقوب بن إبراهيم الأنصاري الكوفي ، صاحب الإمام أبى حنيفة النعمان. تولى القضاء ببغداد فى أيام المهدى والهادي والرشيد ؛ وهو أول من لقب بقاضى القضاة فى الإسلام ، وأول من وضع الكتب فى الفقه الحنفي. توفى سنة ١٨٢ ه .
(٢) محمد هو محمد بن الحسن بن واقد الشيباني ، كان إماما فى الفقه والأصول ، وهو صاحب أبى حنيفة وناشر علمه ومذهبه. تولى القضاء فى زمن الرشيد ، ثم صحبه إلى خراسان فمات فى الري سنة ١٨٩ ه .