ومن السورة التي يذكر فيها « الحديد »
قوله تعالى : ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ ، وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ، وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [٣].
وهذه استعارة عليه سبحانه ، كإطلاقنا لذلك على غيره ، لأنه سبحانه لا يأتى بالكلام المستعار والمجاز عليه ـ كما قلنا فى أول هذا الكتاب ـ ولكن لأن ذلك اللفظ أبعد فى البلاغة منزعا ، وأبهر فى الفصاحة مطلعا.
والواحد منّا ـ فى الأكثر ـ إنما يستعير أغلاق الكلام ، ويعدل عن الحقائق إلى المجازات ، لأن طرق القول ربما ضاق بعضها عليه فخالف إلى (١) .... بقية الكلام ، وربما استعصى بعضها على فكره فعدل إلى المطاوعة.
معنى قوله تعالى : ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ ﴾ أي الذي لم يزل قبل الأشياء كلها ، لا عن انتهاء مدة ، ﴿ وَالْآخِرُ ﴾ أي الذي لا يزال بعد الأشياء كلّها ، لا إلى انتهاء غاية.
﴿ وَالظَّاهِرُ ﴾ المتجلى للعقول بأدلّته ، ﴿ وَالْبَاطِنُ ﴾ أي الذي لا تدركه (٢) أبصار بريّته.
وقال بعضهم : قد يجوز أن يكون معنى الظاهر هاهنا أي العالم بالأشياء كلها. من قولهم : ظهرت على أمر فلان أي علمته. ويكون الظاهر مخصوصا بما كان فى الوجود والجهر ، ويكون الباطن مخصوصا بما كان فى العدم والسر (٣) .
__________________
(١) هنا لفظة غير واضحة.
(٢) فى الأصل ( لا يدركه ) .
(٣) فى الأصل « والستر » وهو تحريف.