ومن السورة التي يذكر فيها « الرحمن » سبحانه
قوله تعالى : ﴿ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدَانِ ﴾ [٦] وهذه استعارة : والنجم هاهنا ما نجم من النبات. أي طلع وظهر. والمراد بسجود النبات والشجر ـ والله أعلم ـ ما يظهر عليها من آثار صنعة الصانع الحكيم ، والمقدّر العليم ، بالتنقل من حال الاطلاع ، إلى حال الإيناع ، ومن حال الإيراق إلى حال الإثمار ، غير ممتنعة على المصرّف ، ولا آبية على المدبّر.
وقوله سبحانه : ﴿ وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَانَ ﴾ [٧] ولفظ الميزان هاهنا مستعار ، على أحد التأويلين. وهو أن يكون معناه العدل الذي تستقيم (١) به الأمور ، ويعتدل عليه الجمهور. وشاهد ذلك قوله تعالى : ﴿ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ﴾ (٢) أي بالعدل فى الأمور.
وروى عن مجاهد (٣) أنه قال : القسطاس : العدل بالرومية. ويقال : قسطاس ، وقسطاس. بالضم والكسر ، كقرطاس وقرطاس.
وقوله تعالى : ﴿ مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ ، بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَّا يَبْغِيَانِ ﴾ [١٩] ، [٢٠] وهذه استعارة. والمراد بها أنه سبحانه أرسل البحرين طاميين ، وأمارهما مائعين ،
__________________
(١) فى الأصل « يستقيم » وهو تحريف.
(٢) سورة الإسراء. الآية رقم ٣٥.
(٣) هو من المفسرين الأولين للقرآن الكريم ، والمشهور أنه أول من دون فى التفسير ، وتفسيره غير موجود ، ولعل الموجود هو تفسير ابن عباس رواه مجاهد. وذكر ابن عطية فى « مقدمته » أن صدر المفسرين والمؤيد فيهم هو على بن أبى طالب رضى الله عنه ، ويتلوه عبد الله بن عباس ، ويتلوه مجاهد وسعيد بن جبير وغيرهما ويذكر ابن عطية أن مجاهدا قرأ على ابن عباس قراءة تفهم ووقوف عند كل آية. وذكر جورجى زيدان أن مجاهدا توفى سنة ١٠٤ ه . انظر « تاريخ آداب اللغة العربية » ج ١ ص ٢٠٥ ، و « مقدمتان فى علوم القرآن » بتحقيق المستشرق أرثر جفرى ، ونشر مكتبة الخانجى.