ومن السورة التي يذكر فيها « الطّور »
قوله تعالى : ﴿ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَٰذَا ، أَمْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ ﴾ [٣٢] وهذه استعارة. أي كانوا حكماء عقلاء كما يدّعون ، فكيف تحملهم أحلامهم وعقولهم على أن يرموا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالسّحر والجنون ، وقد علموا بعده عنهما ، ومباينته لهما ؟
وهذا القول منهم سفه (١) وكذب ، وهاتان الصفتان منافيتان لأوصاف الحلماء ، ومذاهب الحكماء.
ومخرج قوله سبحانه : ﴿ أَمْ تَأْمُرُهُمْ أَحْلَامُهُم بِهَٰذَا ﴾ مخرج التبكيت لهم ، والإزراء عليهم. ونظير هذا الكلام قوله سبحانه حاكيا عن قوم شعيب عليهالسلام : ﴿ قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ﴾ (٢) أي دينك وما جئت به من شريعتك التي فيها الصلوات وغيرها من العبادات ، تحملك على أمرنا بترك ما يعبد آباؤنا (٣) . وقد مضى الكلام على ذلك فى موضعه.
وقوله سبحانه : ﴿ مِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾ [٤٩] وقرئ : (٤) ﴿ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾ بكسر الهمزة. وهذه استعارة على القراءتين جميعا.
__________________
(١) فى الأصل « صفة » بالصاد. وهو تحريف بالغ.
(٢) سورة هود. الآية رقم ٨٧.
(٣) كرر الناسخ هذه العبارة من قوله : أي دينك إلى قوله ما يعبد آباؤنا.
(٤) قرأ السبعة : وإدبار بكسر الهمزة على أنها مصدر للفعل أدبر. وقرأ سالم بن أبى الجعد ويعقوب وسلام وأيوب : وأدبار بالفتح. انظر القرطبي ج ١٧ ص ٨٠.