ومن حم
وهى السورة التي يذكر فيها « الدخان »
قوله سبحانه : ﴿ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ﴾ [٤] وهذه استعارة ، وقد مضى الكلام على مثلها فى بنى إسرائيل. والمراد ـ والله أعلم ـ تبيين كل أمر حكيم فى هذه الليلة ، حتى يصير كفرق الصبح فى بيانه ، أو مفرق الطريق فى اتضاحه. ومنه قولهم : فرقت الشعر. إذا خلصت بعضه من بعض ، وبيّنت مخطّ وسطه بالمدرى (١) أو بالإصبع.
وقوله سبحانه : ﴿ وَأَن لَّا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ إِنِّي آتِيكُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ﴾ [١٩] وهذه استعارة. والمراد بالعلوّ هاهنا : الاستكبار على الله سبحانه ، وعلى أوليائه.
ويوصف المستكبر فى كلامهم بأن يقال : قد شمخ بأنفه. وهذه الصفة مثل وصفه بالعلو. لأن الشامخ : العالي.
وقال سبحانه : ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ ﴾ (٢) أي تجبّر فيها ، واستكبر على أهلها. وليس يراد بذلك العلوّ الذي هو الصعود. وإنما يراد به العلوّ الذي هو الاستكبار والعتوّ. وضدّ وصفهم المستكبر بالعلو والتطاول وصفهم المتواضع بالخشوع والتضاؤل.
وقوله سبحانه : ﴿ فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ ﴾ [٢٩] وهذه استعارة. وقد قيل فى معناها أقوال : أحدها أن البكاء هاهنا بمعنى الحزن ، فكأنه
__________________
(١) المدرى : المشط الذي يدرى به الرأس ويمشط.
(٢) سورة القصص. الآية رقم ٤.