ومن السورة التي يذكر فيها « ص »
قوله تعالى : ﴿ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ ﴾ [١٢] وهذه استعارة على بعض الأقوال ، وهو أن يكون معنى ذى الأوتاد يعنى ذو الملك الثابت ، والأمر الواطد ، والأسباب التي بها يثبت السلطان ، كما يثبت الخباء بأوتاده ، ويقوم على عماده.
وقد يجوز أيضا أن يكون معنى ذى الأوتاد ، أي ذو الأبنية المشيّدة ، والقواعد الممهدة ، التي تشبّه بالجبال فى ارتفاع الرءوس ورسوخ الأصول. لأن الجبال تسمى أوتاد الأرض. قال سبحانه : ﴿ وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ﴾ (١) .
وقوله سبحانه : ﴿ وَمَا يَنظُرُ هَٰؤُلَاءِ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً مَّا لَهَا مِن فَوَاقٍ ﴾ [١٥] . وقرئ : من فواق (٢) بالضم. وقد قيل إنهما لغتان ، وذلك قول الكسائي. وقال أبو عبيدة : من فتح أراد مالها من راحة ، ومن ضمّ أراد مالها فى إهلاكهم من مهلة بمقدار فواق الناقة ، وهى الوقفة التي بين الحلبتين. والموضع الذي يحقق الكلام بالاستعارة على قراءة من قرأ من فواق بالفتح ، أن يكون سبحانه وصف تلك الصيحة بأنها لا إفاقة من سكرتها ، ولا استراحة من كربتها ، كما يفيق المريض من علته ، والسكران من نشوته. والمراد أنه لا راحة للقوم منها. فجعل سبحانه الراحة لها على طريق المجاز والاتساع. ومثله كثير فى الكلام.
__________________
(١) فى سورة « عم » قوله تعالى : ﴿ أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا ، وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ﴾ الآية ٧.
(٢) الضم هو قراءة حمزة والكسائي. وبقية القراء قرءوها بفتح الفاء. وقال الجوهري : الفواق بالفتح والفواق بالضم ما بين الحلبتين من الوقت. وفى الحديث الشريف : ( العيادة قدر فواق الناقة ) انظر « الجامع لأحكام القرآن » ج ١٥ ص ١٥٦.