يراد به التعامي عن الحق ، والذهاب صفحا عن النظر والفكر ، إمّا قصدا وتعمدا ، أو جهلا وعمى.
وإنما أجرى الجهل مجرى العمى فى هذا المعنى ، لأن كل واحد منهما يمنع بوجوده من إدراك الشيء على ما هو به. إذ الجهل مضادّ للعلم والمعرفة ، والعمى مناف للنظر والرؤية. وإنما قال سبحانه : ﴿ بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ ﴾ ولم يقل : عنها ، لأن المراد أنهم يشكّون فيها ، ويمترون فى صحّتها ، فهم فى عمى منها ؛ ولا يصلح أن يكون فى هذا الموضع : عنها. لأنه ليس المراد ذكر عماهم عن النظر إليها ، وإنما القصد ذكر عماهم بالشك فيها. وهذا من لطائف المعاني (١) .
وقوله سبحانه : ﴿ قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ﴾ [٧٢] وهذه استعارة. لأن حقيقة الرّدف هى حمل الإنسان غيره مما يلى ظهره على مركوب (٢) ....
فالمراد بقوله سبحانه : ﴿ رَدِفَ لَكُم ﴾ هاهنا ـ والله أعلم ـ أي عسى أن يكون العذاب الذي تتوقعونه قد قرب منكم. وهو فى آثاركم ، ولا حق بكم.
وقد قيل أيضا إن المراد بردف لكم. أي ردفكم. فصار العذاب فى الالتصاق بكم كالمرادف لكم. والمعنى واحد.
__________________
(١) فى الأصل : « المغالى » وهو تحريف بين.
(٢) هنا سطر غير واضح الكلام ولا ملتثم السياق.