ومن السورة التي يذكر
فيها « الشعراء »
قوله سبحانه (١) : ﴿ فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ ، قَالَ أَصْحَابُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ [٦١] وهذه استعارة. والمراد بها : العبارة عن التقارب والتداني. وإنما قلنا إن اللفظ مستعار ، لأنه قد يحسن أن يوصف به الجمعان ، وإن لم ير بعضهم بعضا بالموانع ، من مثار العجاج ، ورهج الطّراد. لأن المراد به تقارب الأشخاص ، لا تلاحظ الأحداق ، وذلك كقولهم فى الحيّين المتقاربين : تتراءى ناراهما. أي تتقابل وتتقارب. لكون النارين بحيث لو كان بدلا منهما إنسانان لرأى كل واحد منهما صاحبه. وقد أومأنا إلى ذلك فيما مضى (٢) .
ويقال أيضا : قوم رئاء ، على وزن فعال أي يقابل بعضهم بعضا. وكذلك بيوتهم رئاء إذا كانت متقابلة. ذكر ذلك أحمد بن يحيى ثعلب (٣) .
ومن هذا الباب الحديث المشهور عن النبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو قوله : ( أنا
__________________
(١) فى الأصل : « ولما » بالواو وهو تحريف من الناسخ والصواب فلما. بالفاء.
(٢) فى الكلام فى مجازات سورة الفرقان. الآية رقم ١٢.
(٣) لم نجد لذلك ذكرا فى « مجالس ثعلب » التي نشرتها « دار المعارف » بتحقيق الأستاذ عبد السلام محمد هارون. ووجدنا ذلك فى « الأساس » للزمخشرى. وثعلب هو إمام الكوفيين فى النحو واللغة. اشتهر بالرواية والحفظ والصدق وكان ثقة. ومات بصدمة فرس سقط بسببها فى هوة فتوفى على الأثر سنة ٢٩١ ه .