بنية السماء عن ظهور الغمام الذي آذننا سبحانه بمجيئه يوم القيامة ، إذ يقول عزّ من قائل : ﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ الْغَمَامِ وَالْمَلَائِكَةُ وَقُضِيَ الْأَمْرُ ، وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ ﴾ (١) .
ومعنى تشقّق السماء بالغمام. أي عن الغمام. كما يقول القائل : رميت بالقوس ، وعن القوس. بمعنى واحد.
وقوله تعالى : ﴿ أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا ﴾ [٤٣] . وهذه استعارة على أحد التأويلين. وهو أن يكون فى الكلام تقديم وتأخير. فكأنه تعالى قال : أرأيت من اتخذ هواه إلهه. معنى ذلك أنه جعل هواه آمرا يطيعه ، وقائدا يتبعه ، فكأنه قد عبده لفرط تعظيمه له.
ومن أمثالهم : الهوى إله معبود. على المعنى الذي ذكرنا. وذكر أحمد بن يحيى البلاذري (٢) فى كتاب ( الأشراف ) أن هذه الآية نزلت فى الحارث بن قيس بن عدىّ السّهمى ، وهو من عبدة الأوثان ، لأنه كان كلما رأى حجرا أحسن من الذي اقتناه لعبادته أخذه واطّرح ما عبده.
وقوله سبحانه : ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا ، ثُمَّ جَعَلْنَا الشَّمْسَ عَلَيْهِ دَلِيلًا ، ثُمَّ قَبَضْنَاهُ إِلَيْنَا قَبْضًا يَسِيرًا ﴾ [٤٥] وفى هذه الآية استعارتان. إحداهما قوله تعالى (٣) [ : ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَىٰ رَبِّكَ ﴾ [٤٥] أي ] ألم تر إلى فعل
__________________
(١) سورة البقرة ، الآية رقم ٢١٠.
(٢) هو المؤرخ الجغرافى النسابة : جالس الخليفة المتوكل العباسي ، ومدح المأمون ، ومات فى أيام المعتمد. سنة ٢٧٩ ه . ومن كتبه « فتوح البلدان » وهو مصدر وثيق للفتوحات الإسلامية : وقد طبع بأوربا والقاهرة. وكتاب « الأشراف » .
(٣) ما بين حاصرتين ليس فى الأصل ، وقد وضعناه ، لأن السياق يقتضيه.