وقوله سبحانه : ﴿ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ﴾ [٣١] وهذه استعارة. والمراد بها : إسبال الخمر التي هى المقانع على فرجات الجيوب ، لأنها خصاصات (١) إلى الترائب والصدور ، والثدي والشعور. وأصل الضرب من قولهم : ضربت الفسطاط. إذا أقمته بإقامة أعماده ، وضرب أوتاده. فاستعير هاهنا كناية عن التناهى فى إسبال الخمر ، وإضفاء الأزر.
وقوله سبحانه : ﴿ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾ [٣٥] وهذه استعارة. والمراد بذلك عند بعض العلماء أنه هادى أهل السموات والأرض بصوادع برهانه ، ونواصع بيانه ، كما يهتدى بالأنوار الثاقبة ، والشّهب اللامعة.
وقال بعضهم : المراد بذلك ـ والله أعلم ـ الله منوّر السموات والأرض بمطالع نجومها ، ومشارق أقمارها وشموسها.
وقوله سبحانه : ﴿ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ ﴾ [٣٥] وهذه مبالغة فى وصف الزيت بالصفاء والخلاصة ، على طريق المجاز والاستعارة ، حتى يقارب أن يضيء من غير أن يتصل بنار ويناط بذلك.
وقوله سبحانه : ﴿ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [٣٧] وهذه استعارة. والمراد بتقلب القلوب هاهنا : تغيّر الأحوال عليها ، من الخوف والرجاء ، والسرور والغم ، إشفاقا من العقاب ، ورجاء للثواب. والأولى صفة أعداء الله ، والأخرى صفة أولياء الله.
وأما تقلّب الأبصار فالمراد به تكرير لحظ المؤمنين إلى مطالع الثواب ، وتكرير لحظ الكافرين إلى مطالع العقاب.
__________________
(١) الخصاصات : جمع خصاصة بفتح الخاء ، وهو الخرق فى الباب أو البرقع وغيرهما. والجمع خصاص وخصاصات.