تشبيها بتمديد الأخبية والسرادقات بالأطناب ، وإقامتها على الأعماد.
والاستعارة الأخرى قوله تعالى : ﴿ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ والمرتفق : المتكأ ، وهو ما يعتمد عليه بالمرفق ، ومنه المرفقة وهى المخدّة. وذلك نظير قوله سبحانه : ﴿ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ﴾ (١) فلما جاء سبحانه بذكر السرادق جاء بذكر المرافق ، ليتشابه الكلام.
وروى عن بعضهم أنه قال : معنى مرتفقا. أي مجتمعا ، كأنه ذهب إلى معنى : وساءت مرافقة. والمرافقة لا تكون إلا بالاجتماع جماعة. وهذا القول يخرج الكلام عن حدّ الاستعارة فيدخله فى باب الحقيقة. والوجه الأول أقوى. ويشهد له قوله سبحانه : ﴿ مُّتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ ، نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا ﴾ [٣١] فجاء بذكر الارتفاق لما قدّم ذكر الاتكاء. وهذا أوضح (٢) مشاهد.
وقوله سبحانه : ﴿ كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا ﴾ [٣٣] . وهذه استعارة. لأن الظلم هاهنا ليس على أصله فى اللغة ، ولا على عرفه فى الشريعة. لأنه فى اللغة اسم لوضع الشيء فى غير موضعه. وفى الشريعة اسم للضرر المفعول ، لا على وجه الاستحقاق ، ولا فيه استجلاب نفع ، ولا دفع ضرر.
والمراد بقوله تعالى هاهنا : ﴿ وَلَمْ تَظْلِم مِّنْهُ شَيْئًا ﴾ أي لم تمنع منه شيئا. وإنما حسن أن يعبر عن هذا المعنى باسم الظلم من حيث كان ثمر تلك الجنة التي هى البستان كالمستحق لمالكها. فإذا أخذ حقه على كماله وتمامه حسن أن يقال : إنها لم تظلم منه شيئا. أي لم
__________________
(١) سورة الرعد. الآية رقم ٢٠ وفى سورة آل عمران. آية رقم ١٩٧ قوله تعالى « ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد » فالآيتان متشابهتان إلا فى « ثم » بدلا من الواو.
(٢) هكذا بالأصل. ولعلها : واضح.