ومن السورة التي يذكر فيها « الكهف »
قوله سبحانه : ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنزَلَ عَلَىٰ عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجًا ، قَيِّمًا لِّيُنذِرَ بَأْسًا شَدِيدًا مِّن لَّدُنْهُ ﴾ [١] وهذه استعارة. لأن حقيقة العوج أن يكون فيما يصح عليه أن ينصاب أو يميل ويضطرب ويستقيم. وهذه من صفات الأجسام ، لا من صفات الكلام.
فنقول : إنما وصف القرآن ـ والله أعلم ـ بأنه قيّم لا عوج فيه ، ذهابا إلى نفى الاختلاف عن معانيه ، والتناقض فى أوضاعه ومبانيه. وأنه غير ناكب عن المنهاج ، ولا مستمر على الاعوجاج.
وقوله سبحانه : ﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلَّا كَذِبًا ﴾ [٥] ووصف الكلمة هاهنا بالكبر استعارة. والمراد أن معناها فظيع ، وفحواها عظيم. وتقدير الكلام : كبرت الكلمة كلمة.
وللنصب هاهنا وجهان : أحدهما أن يكون على تفسير المضمر. مثل قولهم : نعم رجلا زيد ، وبئس صاحبا عمرو. والوجه الآخر أن يكون على التمييز فى الفعل المنقول ، نحو : ساءت مرتفقا ، وتصبّب عرقا.
وقوله سبحانه : ﴿ وَإِنَّا لَجَاعِلُونَ مَا عَلَيْهَا صَعِيدًا جُرُزًا ﴾ [٨] وهذه استعارة. لأن المراد بالجرز هاهنا الأرض التي لا نبات فيها ، وذلك مأخوذ من قولهم : ناقة جروز. إذا كانت كثيرة الأكل ، لا يكاد لحياها يسكنان من قضم الأعلاف (١) ،
__________________
(١) فى الأصل : الأحلاف. ولا معنى له هاهنا والأعلاف جمع علف ، وهو ما تعلفه الدابة.