ويقولون : ضحكت الأرض. إذا أنبتت ، لأنها تبدى عن حسن النبات ، وتنفتق عن الزهر كما يفتر الضاحك عن الثغر ، ولذلك قيل لطلع النخل إذا انفتق عنه كافوره : الضحك ، لأنه يبدو منه للناظر كبياض الثغر. ويقال : ضحكت الطلعة. ويقال : النّور يضاحك الشمس لأنه يدور معها. ] (١) .
ثم يمضى ابن قتيبة فى الكشف عن بعض الاستعارات فى القرآن الكريم ، كالاستعارة فى قوله تعالى : ﴿ يَوْمَ يُكْشَفُ عَن سَاقٍ ﴾ وقوله : ﴿ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا ﴾ وقوله : ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا ﴾ وقوله : ﴿ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ ﴾ وقوله : ﴿ أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ ﴾ أي كان كافرا فهديناه ، وقوله : ﴿ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِبَاسًا ﴾ وغير ذلك من عشرات الآيات التي كشف ابن قتيبة عما بها من استعارة ، على نحو ما صنع الشريف الرضى هنا فى كتابه هذا ، وقد استغرق هذا الباب أكثر من أربعين صفحة من كتاب ابن قتيبة.
وتمضى السنون بعد وفاة ابن قتيبة سنة ٢٧٦ ه ويمضى القرن الثالث بما فيه من موجات أدبية لغوية نحوية كلامية ، وبمن فيه من أمثال أبى عثمان المازني ، وثعلب ، والزجّاج ، وابن الأنبارى ، والسجستاني ، والمبرد ، وغيرهم ، ويجيء القرن الرابع بمن فيه من أمثال ابن خالويه ( المتوفى سنة ٣٧٠ ه ) ، وأبى بكر الزبيدي ( المتوفى سنة ٣٧٩ ه ) ، وابن جنى ( المتوفى سنة ٣٩٢ ه ) ، والسيرافي ( المتوفى سنة ٣٦٨ ه ) ، وأبى على الفارسي ( المتوفى سنة ٣٧٧ ه ) ، وأبى حسن الرماني ( المتوفى سنة ٣٨٤ ه ) وغيرهم فلا نجد كتابا ألف فى « مجازات القرآن » من هؤلاء الأعلام المشتغلين باللغة والنحو. ونرى الشاعر العلوي الأبى الشريف الرضى ينصب همته ، ويلقى عزمه بين عينيه ، فيصنف كتابا فى « مجازات القرآن » هو الذي نقدم له بهذه المقدمة الطويلة وعنوانه :
__________________
(١) تأويل مشكل القرآن ص ١٠٢.