ومن السورة التي يذكر فيها
« الرعد »
قوله تعالى : ﴿ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ﴾ [٥] . وجديد هاهنا استعارة. لأن أصله هاهنا مأخوذ من الجدّ ، وهو القطع. يقال : قد جدّ الثوب ، فهو جديد بمعنى مجدود. إذا قطع من منسجه ، أو قطع لاستعمال لابسه. والمراد ـ والله أعلم ـ إنا لفى خلق جديد ، أي قد فرغ من استئنافه ، وأعيد إلى موضع ثوابه وعقابه ، فصار كالثوب الذي قطع (١) منسجه بعد الفراغ من عمله.
وقوله سبحانه وتعالى : ﴿ وَيَسْتَعْجِلُونَكَ (٢) بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ ﴾ [٦] . وهذه استعارة والمراد بها مضىّ المثلات ـ وهى العقوبات ـ للأمم السالفة قبلهم ، وتقدّمها أمامهم. وقولهم : خلت الدار. أي مضى سكانها عنها. وخلوا هم. أي مضوا عن الدار وتركوها. وقولهم : القرون الخالية. أي الماضية.
والعقوبات على الحقيقة لم تمض (٣) ، وإنما مضى المعاقبون بها. فكأنّهم ذكّروا بالعقوبات الواقعة قبلهم ليعتبروا بها.
__________________
(١) هكذا بالأصل ولعلها : قطع من منسجه.
(٢) بالأصل : « يستعجلونك » بدون واو. وقد تركها الناسخ جريا على عادته ...
(٣) فى الأصل : لم يمض وهو تحريف من الناسخ. والعقوبات هى المثلات التي قال الله فيها إنها قد خلت من قبلهم.