ومن السورة التي يذكر فيها
« يوسف عليهالسلام »
قوله : ﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا ، وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ ﴾ [٤] . وهذه استعارة ، لأن الكواكب والشمس والقمر مما لا يعقل ، فكان الوجه أن يقال. ساجدة. ولكنها لما أطلق عليها فعل من يعقل ، جاز أن توصف (١) بصفة من يعقل ، لأن السجود من فعل العقلاء. وهذا كقوله سبحانه : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ ، لَا يَحْطِمَنَّكُمْ ﴾ (٢) فلما كانت النمل فى هذا القول مأمورة أمر من يعقل جرى الخطاب عليها جريه على من يعقل. مثل ذلك قوله تعالى : ﴿ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا ﴾ (٣) لأنها لما شهدت عليهم شهادة العقلاء المخاطبين أجروا ـ كما فى هذا الخطاب ـ مجرى العقلاء المخاطبين. ومن الشاهد على ذلك قول عبدة بن الطبيب.
إذ أشرف الدّيك يدعو بعض أسرته |
|
لدى الصّباح وهم قوم معازيل (٤) |
__________________
(١) فى الأصل « يوصف » وهو تحريف من الناسخ.
(٢) سورة النمل الآية رقم ١٨ وتكلمة الآية ﴿ لَا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ . ﴾
(٣) سورة فصلت. الآية رقم ٢١.
(٤) هذا البيت من قصائد « المفضليات » للضبى والقصيدة كلها كاملة فى ديوان المفضليات بتحقيق الأستاذين أحمد محمد شاكر وعبد السلام هارون ـ ص ١٣٣ ـ ١٤٣ ج ١. وترجمة عبدة بن الطبيب فى اللآلى ، والأغانى ، والإصابة ، والشعر والشعراء لابن قتيبة ، وهو صاحب البيت المشهور فى الرثاء :
فما كان قيس هلكه هلك واحد |
|
ولكنه بنيان قوم تهدما |