دار إلى دار ، على عادة المنتجع المسترفد أو الرجل المتزود ، جاز أن يسمى رفدا ، على طريق المجاز ، كما قال تعالى : ﴿ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ (١) والبشارة فى الأعم الأغلب إنما تكون بالخير لا بالشر. ولكن لما جعل إخبارهم باستحقاق العذاب فى موضع البشارة لغيرهم باستحقاق الثواب جاز أن يسمى فى ذلك بشارة.
وقوله سبحانه : ﴿ ذَٰلِكَ مِنْ أَنبَاءِ الْقُرَىٰ نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْهَا قَائِمٌ وَحَصِيدٌ ﴾ [١٠٠] . وهذه استعارة. والمعنى : منها قائم البناء ، خال من الأهل ، ومنها منقوض الأبنية ، ملحق بالأرض ، تشبيها بالزرع المحصود. إلى هذا المعنى يومئ قوله تعالى : ﴿ وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ ﴾ (٢) . وقوله سبحانه : ﴿ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا ﴾ (٣) . والعروش الأبنية. أي خالية من أهلها ، على ما فيها من بواقى أبنيتها.
وقد يجوز أن يكون ذلك كناية عن أهل القرى ، فكأنه سبحانه شبّه الأحياء الباقين بالزرع النامي ، وشبّه الأموات الهالكين بالزرع الذاوي. وذلك أحسن تمثيل ، وأوقع تشبيه.
وقوله سبحانه : ﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾ [١١٩] . وهذه استعارة. والمراد هاهنا بتمام كلمة الله سبحانه صدق وعيده الذي تقدّم الخبر به ، وتمام وقوع مخبره مطابقا لخبره.
__________________
(١) سورة آل عمران. الآية رقم ٢١.
(٢) سورة الحج. الآية رقم ٤٥.
(٣) سورة البقرة. الآية رقم ٢٥٩.