ومن السورة التي يذكر فيها
« يونس » عليهالسلام
قوله سبحانه ﴿ وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾ [٢] وهذه استعارة. لأن المراد بالقدم هاهنا : السابقة فى الإيمان ، والتقدم فى الإخلاص. والعبارة عن ذلك بلفظ القدم غاية فى البلاغة ، لأن بالقدم يكون السبق والتقدم. فسمّيت قدما لذلك. وإن كان التأخر أيضا يكون بها (١) ، كما يكون التقدم بخطوها ، فإنما سميت بأشرف حالاتها وأنبه متصرفاتها. وقال بعضهم : إيمانهم فى الدنيا هو قدمهم فى الآخرة. لأن معنى القدم فى العربية : الشيء تقدمه أمامك ليكون عدّة لك ، حتى تقدم عليه.
وقال بعضهم : ذكر القدم هاهنا على طريق التمثيل والتشبيه ، كما تقول العرب : قد وضع فلان رجله فى الباطل ، وتخطى (٢) إلى غير الواجب. ومعناه أنه انتقل إلى فعل ذلك ، كما ينتقل الماشي ، وإن لم يحرك قدمه ، ولم ينقل خطاه.
وقوله سبحانه : ﴿ ثُمَّ اسْتَوَىٰ عَلَى الْعَرْشِ ﴾ [٣] وهذه استعارة. لأن حقيقة الاستواء إنما يوصف بها الأجسام التي تعلو البساط وتميل وتعتدل. والمراد بالاستواء هاهنا :
__________________
(١) فى الأصل « بهما » بضمير المثنى. وهو تحريف من الناسخ. والصواب « بها » بضمير المفردة العائد على القدم.
(٢) فى الأصل هكذا « وتحطا » بدون إعجام وبرسم الفعل بألف بدل الياء.