و من السورة التی یذکر فیها « الأعراف »
قوله : ﴿ وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُم بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَظْلِمُونَ ﴾ [٧] . فهذه استعارة. لأن الخسران فى التعارف إنما هو النقص فى أثمان المبيعات. وذلك يخص الأموال لا النفوس. إلا أنه سبحانه لما جاء بذكر الموازين وثقلها وخفتها جاء بذكر الخسران بعدها ، ليكون الكلام متفقا ، وقصص الحال متطابقا. فكأنه سبحانه جعل نفوسهم لهم بمنزلة العروض المملوكة ، إذ كانوا يوصفون بأنهم يملكون نفوسهم ، كما يوصفون بأنهم يملكون أموالهم.
وذكر خسرانهم لها لأنهم عرّضوها للخسار ، وأوجبوا لها عذاب النار. فصارت فى حكم العروض المتلفات ، وتجاوزوا حد الخسران فى الأثمان ، إلى حد الخسران فى الأعيان.
وقوله سبحانه حاكيا عن إبليس : ﴿ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [١٦] وهذه استعارة. والصراط هاهنا كناية عن الدين ، جعله الله سبحانه طريقا للنجاة والمفاز (١) ، فى دارى القرار والمجاز ، وإنما قال صراطك. لما كان الدين كالطريق المؤدية إلى رضا الله سبحانه ومثوبته (٢) . الموصلة إلى نعيمه وجنته. فكان إبليس ـ لعنه الله ـ إنما يوعد بالقعود على طريق الدين ليضل عنه كل قاصد ، ويردّ عنه كل
__________________
(١) فى الأصل « والمفار » بالراء المهملة. وهو تحريف من الناسخ.
(٢) فى الأصل « ومصوبته » ولا معنى لها هنا لأن المصوبة معناها المصيبة وضعف العقل ؛ وليس هذا جزاء رضا الله سبحانه وتعالى.