شفاعاته وتوسطاته :
وإذا كان الشريف لا يستميح أحدا مالا ، فانا لا ينبغي لنا أن نجهل ان عظمته ومنزلته عند الملوك والخلفاء ورجال الدولة تستدعي بطبيعة الحال وساطته لدى هؤلاء في كثير من المهمات التي يتكلف بها ويتشفع ، وربما يكون كثير منها من مهمات نفسه التي لا تتضمن طلب المال ، وفي هذه الوساطات إعمال للجاه في محالّه ، ولا منافاة فيه للعزة والأنفة ، فان الشحّ بالجاه قبيح كالشح بالمال او اشنع ؛ ومن هذا ما نجده في كثير من شعره من تنجّز المواعيد والإلحاح على الوفاء ، والحض على التكرم باتباع الأفعال للأقوال ، ولعمري إني لا أدري أي شيء طلب ممن يقول فيه :
أخطأت في طلبي وأخطأ في |
|
منعي وردّ يدي بغير يد |
فلأجعلن عقوبتي ابدا |
|
ألّا أمد يدا الى أحد |
فتكون أول زلة سبقت |
|
مني وآخرها الى الأبد |
ومهما كان المطلوب ، فهذا الشموخ ، وهذه المعاتبة والمعاقبة ، تبرهن على اعتزازه وتمسكه بمبدئه الشريف.
شكره للصنائع :
قد يؤخذ على الشريف تنازله مع بهاء الدولة الى مقام الخاضع المتصاغر في قوله له : « أنا غرس غرسته » وقوله : « وارع لغرس أنت انهضته » ونحوه. وهذا رأي فيه تحامل شائن ، لأنا مهما طبعنا نفس الشريف بطابع العزة والاستعصاء على الذل والخنوع ، فانا لا ننسى أن