البيضاء والصفراء قد أعمت قلوبهم فجعلتهم متخاذلين خائرين موجِّهين سِهَامهم وسيوفهم نحو صدر الحُسين وصدور آل بيتهِ ومن بقي من أنصارهِ. وليس هنالك من مبرِّر لتبرئة الموقف الخائر والمُستَنكر الذي وقفه أهل الكوفة عدا أولئك الذين كان وجهاء الكوفة يخشونهم من الذين قبض عليهم عُبيد الله بن زياد (ت٦٧هـ/٦٨٦م) وأودعهم السجن. وللمسعودي رأىٌ قاطع إزاء من يحاول تبرئة هؤلاء القتلة ، قتلة آل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، أنّهم شأنهم شأن عوّانة بن الحكم(١) (ت١٤٧هـ/٧٦٤م) إذ أراد من رواياتهِ المُزيّفة تبرئة يزيد بن معاوية من دماء آل بيت النبوّة. فيقول : «وكان جميع من حضر مقتل الحُسين من العساكر وحاربه وتولّى قتله من أهل الكوفة خاصّة ؛ لم يحضرهم شامي»(٢).
ملاحظاتٌ منهجية :
هناك ثمّة العديد من الملاحظات التوضيحية والتكميلية حول المنهجية المُعتمدة في بحوث الأساتذة الأفاضل والباحثين الذين تناولوا موضوع نهضة
__________________
(١) هو : أبو الحكم عوانة بن الحكم بن عوانة بن عياض الكلبي ، مؤرّخ ، من أهل الكوفة. ضرير. كان عالماً بالأنساب والشعر ، فصيحاً. واتّهم بوضع الأخبار لبني أميّة. قال ياقوت الحموي : (وعامّة أخبار المدائني عنه). له كتاب في : (التاريخ) و (سيرة معاوية). لمزيد من التفاصيل ، يُنظر : إرشاد الأريب إلى معرفة الأديب ٥/٢١٣٣ ـ ٢١٣٦ ؛ نَكت الهميان في نُكت العميان : ٢٢٢.
(٢) مروّج الذهب ومعادن الجوهر ٣/٦٢.