جعل قيد الاستعمال ،
أو استنسخ منه ولو نسخة واحدة إلى مكة مثلاً ، وهي حرم الله ، وقد بقي هذا الحرم
فيما يزعم دون قرآن يقرأ أو يتعلم أو يستظهر فيه.
وأغلب الظن إذا صحت روايات الجمع المدعى
، فإن أبا بكر قد جمع لنفسه قرآناً في مصحف كما جمع غيره من الصحابة ، وإلا فلو
جمعه للمسلمين ، وليس للمسلمين في قرآن مجموع لكان من الضرورة الملحة بمكان أن لا
يغيب عن ظنه احتياج المسلمين لعدة نسخ منه على الأقل ، كما فعل عثمان فيما بعد ، أو
لأوضح بأنه القرآن الرسمي للدولة التي يقوم على رأسها ، ولو اعتذر بأن حياته لم
تطل ، لكان من الواجب على عمر تنفيذ ذلك.
والأغرب من هذا كله أنه لم يحدثنا
التأريخ أن أحدا في عهد أبي بكر وعمر قد استنتسخ من هذا القرآن شيئاً ، مما اضطر
فيه الدكتور دراز أن يعبر عن رأيه فيه بقوله : « ولكن رغم قيمة هذا المصحف العظيمة
، ورغم ما يستحقه من العناية التي بذلت في جمعه ، فإن مجرد بقائه محفوظاً بعناية
عند الخليفتين الأولين أسبغ عليه الطابع الفردي أو الشخصي بعض الشيء ، ولم يصبح
وثيقة للبشر كافة إلا من يوم نشره ، ولكن فرصة نشره لم تتح إلا في خلافة عثمان بعد
معارك أرمينية وأذربيجان » .
على أن ما صرح به الحاكم في المستدرك أن
ذلك كان جمعا في المصحف لا في المصحف إذ قال : « فكانت الصحف عند أبي بكر حتى
توفاه الله ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر » .
وقد قطع ابن أبي داود بأنها صحف في عدة
مواضع من كتابه .
ودراز وإن اعتبر ما جمعه أبو بكر بحسب
الروايات التي ناقشناها ، مصحفاً إلا أنه أرجعه إلى عهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بالطريقة التي عبر عنها بقوله :
__________________