« أن ينقل عن الثقات إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ويكون وجهه في العربية التي نزل بها
القرآن شائعاً ، ويكون موافقا لخط المصحف » .
ومع هذا نجد الداني جدياً في مسألة
القراءة ، إذ يعتبرها سنة لا تخضع لمقاييس لغوية ، وإنما تعتمد الأثر والرواية
فحسب ، فلا يردها قياس ، ولا يقرّبها استعمال فيقول :
« وأئمة القراء لا تعمل في شيء من حروف
القرآن على الأفشى في اللغة ، والأقيس في العربية ، بل على الأثبت في الأثر ، والأصح
في النقل وإذا ثبتت الرواية لم يردّها قياس عربية ، ولا فشو لغة ، لأن القراءة سنة
متبعة ، يلزم قبولها والمصير إليها » .
وما أبداه الداني لا يخلو من نظر أصيل ،
إذ القراءة إذا كانت متواترة صحيحة السند ، فهي تفيد القطع ، ولا معنى لتقييد
القطع بقياس أو عربية ، فالعربية إنما تصحح في ضوء القرآن ، ولا يصحح القرآن في
ضوء العربية ، ومع هذا فإن الإجماع القرائي يكاد أن يكون متوافرا على اشتراط صحة
السند ، ومطابقة الرسم المصحفي ، وموافقة اللغة العربية ؛ لهذا تختلف النظرة
بالنسبة للقراءة في ضوء تحقق هذه الشروط أو عدمه ، وقد نتج عنه تقسيم القراءات إلى
صحيحة وشاذة ، فما اجتمعت فيه من القراءات هذه الشروط فهو الصحيح ، وما نقص عنه
فهو الشاذ.
وفي هذا الضوء ولد ـ في عهد ابن مجاهد ـ
مقياسان آخران ، وماتا في مهدهما ، لعدم تلقي المسلمين لهما بالقبول ، ولرفضهم
لهما ، وهما :
مقياس ابن شنبوذ ( ت : ٣٢٧ ه ) الذي
اكتفى فيه بصحة السند وموافقة العربية.
ومقياس ابن مقسم ( ت : ٣٥٤ ه ) الذي
اكتفى فيه بمطابقة المصحف وموافقة العربية .
وقد تحرر للسيوطي مع المقارنة فيما كتبه
ابن الجزري في النشر ، أن القراءات أنواع :
__________________