( كتاب الدعاء )
الدعاء هو السؤال
الذي أمر الله عباده به في كتابه وأذن لهم ورغبهم إلى أن يدعوه ويسألوه ، حتى أنه
عد تركهم له اعتداء منهم إياه وغفلة عن حضره ربوبيته ، ووعدهم بالاستجابة وأوعد
بالاستكبار عنه فقال في سورة الأعراف ( آ : ٥٣ ) ( ادْعُوا رَبَّكُمْ
تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ). و ( آ : ٢٠٤ ) ( وَاذْكُرْ
رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ
بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ ). وقال في سورة
المؤمن ( آ : ٦٢ ) ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ
لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ
داخِرِينَ ). وفي سورة البقرة ( آ : ١٨٢ ) ( وَإِذا
سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ ) وفي عيون الاخبار
[ قال رسول الله (ص) الدعاء سلاح المؤمن وعماد
الدين ]. وفي ثواب الأعمال [ قال
النبي (ص) الا أدلكم على سلاح ينجيكم من عدوكم وتدر أرزاقكم؟ قالوا نعم ، قال
تدعون بالليل والنهار فإن سلاح المؤمن الدعاء ] وقال
(ص) [ الدعاء مخ العبادة وأفضل عبادة أمتي بعد قراءة القرآن الدعاء ثم قرأ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إلى آخر الآية ] ووجه أفضلية الدعاء كما حققه العلماء أن
حال الدعاء والذكر أقرب حالات العبيد إلى حضره الربوبية وإن كان هو أقرب إليهم من
حبل الوريد لكنهم عنه ساهون وبالدعاء والذكر يرتفع الحجاب بين الداعي ورب الأرباب
، ولذلك ترى أن اهتمام الشارع بالدعاء فوق اهتمامه بكل شيء فإنه روي لكل آن من
آنات الليل والنهار ولكل يوم من أيام الأسابيع أو الشهور أو السنين أو العمر أدعية
خاصة وإنه فرد لكل حال من حالات الإنسان ولكل فعل يريد ارتكابه ولجميع مطالبه
الدنيوية أو الأخروية ولكافة أعماله العادية أو العبادية او المعاملية وظائف من
الدعاء والذكر ، كما أنه فرد لاستجابة الدعاء وتأثيره شرائط وآدابا لا تصل فائدته إلى
الإنسان ولا تحصل له نورانية القلب وتهذيب النفس المطلوب من الدعاء الا بمراعاة
تلك الآداب ، ووصل إلينا كثير من هذه الوظائف والآداب ، وقد كان بدء هذه الاهتمام
من لدن عصر النبي وبعده في أعصار الأئمة (ع) وانتهى إلى أيام الغيبة الصغرى وفي
طيلة تلك المدة غيض الله تعالى لطفا منه على عباده وإنفاذا لمراده جمعا كثيرا من
الأخيار البررة المعبر عنهم في كتابه بالقرى الظاهرة فأخذوا من معادن