القدير أن يوجّه همّتنا إلى تحقيق الكتاب وإخراجه إلى النور بأكمله ، آمين يا ربّ العالمين.
وقبل أن ندخل في أصل الكتاب لا بأس ببيان مختصر عن الخواجة نصير الدين الطوسي وعلاء الدين القوشجي والقاضي الشهيد نور الله التستري ، فأقول بعد التوكّل على الله تعالى.
الأوّل : الخواجة نصير الدين الطوسي
هو محمّد بن محمّد بن الحسن نصير الدين أبو عبد الله الطوسي ، الفيلسوف صاحب علوم الرياضي والرصد.
ابتنى بمدينة مراغة قبّةً ورصداً عظيماً ، واتّخذ في ذلك خزانة عظيمة فسيحة الأرجاء ، وملأها من الكتب التي نقلت من بغداد والشام والجزيرة ، حتّى تجمّع فيها زيادة على ألف مجلّد ، وقرّر بالرصد المنجّمين والفلاسفة والفضلاء ، وكان حسن الصورة سمحاً كريماً جواداً حليماً حسن العشرة غزير الفضائل ، جليل القدر داهية.
حكي أنّه لمّا أراد العمل للرصد رأى هولاكو ما ينصرف عليه ، فقال له : هذا العلم المتعلّق بالنجوم ما فائدته؟ أيدفع ما قُدِّر أن يكون؟ فقال : أنا أضرب لمنفعته مثالاً ؛ فأمر من يطلع إلى أعلى هذا المكان ويدعه يرمي من أعلاه طست نحاس كبير من غير أن يعلم به أحد ، ففعل ذلك ، فلمّا وقع ذلك كانت له وقعة عظيمة هائلة ، روّعت كلّ من هناك ، وكاد بعضهم يصعق ،