ازدهرت المدينة المنوّرة في عصر الإمام ، وزخرت بطلاّب العلوم ووفود الأقطار الإسلامية ، وانتظمت فيها حلقات الدرس ، وكان بيته جامعة إسلامية يزدحم فيه رجال العلم وحملة الحديث من مختلف الطبقات ينتهلون موارد علمه. قال ابن حجر عن الإمام الصادق عليهالسلام : نقل الناس عنه من العلوم ما سارت به الركبان ، وانتشر صيته في جميع البلدان ، وروى عنه الأئمّة الأكابر كيحيى بن سعيد وابن جريح ومالك والسفيانيّين وأبي حنيفة وشعبة وأيّوب السجستاني(١).
من هنا «كانت المدينة المنوّرة في عهد الإمامين الباقر والصادق عليهماالسلام مدرسة للفقه الشيعي ، ومركزاً كبيراً من مراكز الإشعاع العقلي في العالم الإسلامي. ويطول بنا الحديث لو أردنا أن نحصي عدد الفقهاء من الشيعة في هذه الفترة وما تركوا من آثار ، ويكفي الباحث أن يرجع إلى كتب أعيان الشيعة ، ورجال النجاشي ، والكشّي ، وتأسيس الشيعة لعلوم الإسلام ليعرف مدى الأثر الذي تركه فقهاء الشيعة في هذه الفترة التي تكاد تبلغ قرناً ونصف قرن من تاريخ الإسلام في الدراسة الفقهية ، والمحافظة على السنّة النبوية»(٢).
ويتواجد حتّى اليوم في (المدينة المنوّرة) أربع جماعات شيعية :
* النخاولة : ومفردها نخلي ، وهم من القبائل العربية ، وقد تداخل
__________________
(١) الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة : ١٩٩.
(٢) رياض المسائل ١/١٤.