وشئونهم وحركاتهم وسكناتهم وقيامهم وقعودهم ونيات ضمائرهم واجتماعهم وافتراقهم وعدد انفاسهم ولحظات عيونهم وغمضات اجفانهم وكل ما ولد ويولد من اسمائهم واسماء آبائهم وامّهاتهم وكيفيّت تولّدهم وزمان تولّدهم وكفرهم واسلامهم ومساكنهم وضعفهم وقوّتهم وجميع حالاتهم وعدد الامطار وغير ذلك بطريق الايجاب الكلّى فانّ ذلك ممّا ليس بمعلوم ولم يدلّ عليه دليل عقلى ولا نقلى بل تدل الاخبار المذكورة وغيرها الدالة على زيادة علومهم فى كلّ ليلة جمعة او فى كلّ يوم وعرض الاعمال عليهم ونزول الملائكة عليهم فى كلّ ليلة القدر بما يحدث فى السّنة وكذلك الآيات مثل قوله تعالى (رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) وغير ذلك ممّا عددنا وكذلك ما فى نهج البلاغة باختصاص علم ما فى الآية (إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ) اه بالله تعالى وتقدّس على عدم علمهم بها وعدم كونهم محيطين بها فى جميع الاطوار ولا ريب انّ المسألة اصوليّة لا بدّ فيها من العلم وعلى تقدير ورود اخبار آحاد فى ذلك لا يمكن التعرج اليها سيما مع معارضها بالاخبار والآيات الدالة على خلافها ومع الإغماض عن ذلك فلا شكّ فى انه مع اختلاف الاخبار لا بدّ من العرض على الكتاب والكتاب يدلّ على اختصاص العلم بجميع الغيوب به تعالى كقوله تعالى (وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ* وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً) وغير ذلك من الآيات الّتى تلونا بعضها سابقا بل الآيات صريحة غير قابلة للتاويل فى عدم علم الرّسول بالغيوب بالطريق الكلّى والاخبار الدالّة على ذلك ايضا مما ذكرنا ولم نذكر فى غاية الكثرة بل الآيات الواردة فى مقام تمدّحه تعالى بعلم الجميع مثل قوله تعالى يعلم ما يلج فى الارض وما يخرج منها وما ينزل من السّماء وما يعرج فيها وهو معكم اينما كنتم والله بما تعملون بصير وقوله تعالى عالم الغيب لا يغرب عن علمه مثقال ذرّة فى السّماوات ولا فى الارض ولا اصغر من ذلك ولا اكبر الّا فى كتاب مبين وقوله تعالى (١) لا يحيطون بشيء من علمه الّا بما شاء وقوله تعالى عالم الغيب فلا يظهر على غيبه احدا الّا من ارتضى من رسول فانّه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا اذ لا دلالة فيهما على ازيد من الايجاب الجزئى فان قيل الاخبار الكثيرة الدالة على علمهم ع بما كان وما يكون وما هو كائن الى يوم القيمة تدلّ على علمهم
__________________
(١) ما يكون من نجوى ثلاثة الّا هو رابعهم الآية وقوله تعالى ان الله عنده علم السّاعة وينزل الغيث الآية وغيره ذلك ممّا يطول الكتاب بذكره دالة على ذلك ولا ينافيها قوله تعالى