فان دلّ دليل على ثبوت الحكم للمعلوم بالعلم التفصيلى اقتصر عليه ولا يتعدى الى الاجمالى وان استظهر منه انّ الموضوع اعمّ يتبع وان فرض الشكّ فى ذلك يرجع الى الاصل وينبغى ان يعلم انّ لحوق الاجمال والتّفصيل للعلم انّما هو بالعرض وبالتعبية للمعلوم لا بالذات سواء كان منشأ الاتصاف بالاجمال والتفصيل ما هو مراد الاصوليّين فى اغراضهم ومباحثهم او مراد اهل المعقول فى مباحثهم كذا قال الاستاد قدّه فى مجلس المباحثة وفى الحاشية لكن يمكن ان يقال انّ العلم سواء كان صورة على اختلاف تعاريفه بها او اضافة مقوليّة او اضافة اشراقيّة يمكن ان يتّصف بالاجمال والتّفصيل على سبيل الحقيقة دون العرض والمجاز مع انّه عين المعلوم بالذّات بل الامر كذلك فيما ذكره اهل المعقول بيان ذلك انّ المشهور بينهم تبعا للرّئيس انّ للنّفس بالنّسبة الى الاشياء احوالا ثلث الجهل والعلم الاجمالى والعلم التّفصيلى وقد انكر الرّازى ذلك ولهم فى ذلك طريقان إحداهما ما فهمه المتاخّرون من كلام الشّيخ من انّ العلم التّفصيلى هو العلم بالشّيء من انّ العلم التفصيلي هو العلم بالشيء مع العلم بامتيازه عن غيره وان العلم الاجمالى هو العلم بالشيء مع الغفلة عن امتيازه وثانيتهما ما فهمه بعض المحقّقين من كلامه قال والّذى ينقدح من تصفّح كلام الشّيخ فى جميع كتبه انّ الشّيء اذا ارتسم فى العقل فان كان ملاحظا للعقل ممتازا عنده فهو التّفصيل والّا فهو الاجمال وقال اذا حصلت الماهيّة معقولة حصلت وقد حصر الاجزاء بالاضطرار فى العقل ولا يجب ان تكون الاجزاء ملاحظة منفردا عند العقل بعضها عن بعض بل ربما لا يلاحظها بسبب ذهوله عنها والتفاته الى شيء آخر لكن يكون عنده حالة بسيطة هى مبدا تفاصيل تلك الاجزاء اى قوّة تتمكّن من استحضارها والالتفات اليها وتفصيلها متى شاء بقصد مستأنف من غير تجشم اكتساب فاذا وجه العقل اليها مستحضرا ايّاها وهو معنى الاخطار بالبال تمثّلت كما اذا سئلنا عن مسئلة معلومة لنا فقبل الشّروع فى جوابها نجد لانفسنا حالة بسيطة هى مبدا المعلومات الّتى فى تلك المسألة واذا شرعنا فى الجواب وبيّنا المعانى واحدا بعد واحد تمثّلت واضحة عند العقل ممتازة انتهى فتامّل فيما نقلنا حتّى تقف على حقيقة الامر والله العالم فى كفاية العلم الاجمالى فى الامتثال قوله وامّا فيما لا يحتاج سقوط التكليف فيه اه هنا الكلام قد يقع فى العبادات بالمعنى الاخصّ وقد يقع فى المعاملات بالمعنى الاعمّ وايضا قد يقع فى جواز الاحتياط وقد يقع فى وجوبه يقينا والمقصود بالبحث هنا الاوّل لا الثّانى والمراد بالجواز ما يجامع الوجوب التّخييرى اذ لا معنى للاباحة فى الطّريقى وجواز تركه لا الى بدل ثمّ انّ الكلام فى جواز الاحتياط قد يقع مع التمكّن من العلم التّفصيلى وقد يقع مع التمكّن من الظنّ الخاصّ وقد يقع مع التمكّن من الظنّ المطلق وقد يقع مع عدم التمكّن من الطّرق الثلاثة ولا ريب فى جواز الاحتياط بل وجوبه فى الصّورة الاخيرة وليست هى المقصودة بالاصالة من البحث هنا