قد يظهر من هذا الكلام انّ المراد بالتديّن الواجب هو الإقرار باللّسان وانّه مع كونه واجبا معتبر فى الاسلام وانّه لا يكتفى فيه بمجرّد الاعتقاد بدون الاقرار باللّسان وفيه انّا قد ذكرنا ان مراد المتكلّمين القائلين باعتبار شيء غير العلم هو العقد القلبى والتّسليم الباطنى والعزم على عدم انكاره بل على الاقرار به وجعله دينا له وطريقة له امّا الإقرار باللّسان فانّه وان كان واجبا على تقدير العلم لكنه غير التديّن الّذى التزموا باعتباره فى الإسلام مع انّه ليس معتبرا فى الاسلام والايمان قطعا كما سيأتى تحقيقه مضافا الى منافاته لما سيجيء منه من انّ الإقرار ليس معتبرا بل الإنكار مضرّ لا مطلقا بل مع الثبوت من الدّين وامّا الرّواية وهى رواية ابى عمرو الزّبيرى المرويّة فى الكافى فهى وان كانت ظاهرة فى وجوب الإقرار باللّسان بل فى اعتباره وساير اعمال الجوارح فى الايمان لكن لا بدّ من توجيهها بما لا ينافى ما ذكرنا كما سيجيء إن شاء الله الله تعالى مع انّها ظاهرة فى وجوب الاقرار باللّسان واعمال ساير الجوارح واعتبارها فى الأيمان على تقدير الاعتقاد الجزمى فالآثار المذكورة آثار للمعتقد لا للواقع حتّى يشملها ادلّة حجّية خبر الواحد كما سيشير اليه المصنّف ايضا عن قريب مع انّه على تقدير الإغماض عن ذلك لا يمكن شمول ادلّة حجّية الخبر لمثل الآثار المذكورة لاستلزامه كون الإقرار باللّسان واجبا ظاهرا وشرطا فى الايمان كذلك فى صورة قيام خبر الواحد ولا اظنّ احدا يلتزمه ويحكم بكفر من لم يقر بذلك كذلك قوله وهو فى غاية الأشكال اذ قد عرفت وستعرف انّ الشيخ قدسسره قائل بوجوب النّظر مستقلا وانّه معفوّ عنه مع حصول المعرفة بدونه وان جمعا كثيرا من اعيان العلماء ـ قائلون بكفاية الظنّ الحاصل من النظر بل عن التقليد فكيف يجوز ادّعاء الإجماع على وجوب المعرفة القطعيّة بالدّليل وانّ الجاهل بالمعرفة كذلك خارج عن ربقة المسلمين مستحق للعذاب الدائم مع انّ العقل يحكم بطريق القطع معذوريّة الجاهل الغافل او القاصر بحسب الخلقة او العاجر عن طريق تحصيل العلم بالنظر وغيرهم ممّا يجرى مجراهم وانّه يقبح عقابهم فى الآخرة فكيف يصحّ منه ادّعاء الإجماع بطريق الإطلاق مع انّه لا دليل على وجوب تحصيل بعض تفاصيل المعارف ممّا ذكره هو قدسسره او غيره بالدّليل فضلا عن اعتباره فى الإسلام والأيمان والا لزم كفر اكثر النّاس الّا من شذّ وندر مع انّه يمكن ادّعاء قيام سيرة النبىّ ص والأئمّة عليهمالسلام مع النّاس على خلاف ما ذكره قدّه