انتهى وهو بمعزل عن التحقيق اذ الرّجوع الى العرف فى اوامرهم الارشادية يشرف على القطع بكون الامر الارشادى متضمّنا للطّلب ألا ترى انّ الطبيب اذا امر المريض الّذى رجع اليه للاستعلاج بدواء لو تخلّف المريض عمّا امره به انزجر عنه واعرض عن معالجته مع انّه يستلزم كون جميع الأوامر الإرشادية مجازات وما ذكره واستشهد به من المثال ليس شاهدا اذ ما ذكره انّما هو صورة الامر وكلامنا فى الامر الحقيقى الإرشاديّ فتأمّل وهل الاصل فى الاوامر الصّادرة من الشّارع ان تكون مولويّة شرعيّة الحقّ ذلك والسرّ فى ذلك يتوقف على بيان مقدّمة وهى انّ الشارع تعالى له جنبة سلطنة وملك وسياسة وجنبة علم وحكمته فمن الجنبة الاولى تكون اوامره تعالى مولويّة شرعيّة ومن هذه الجهة يكون له تعالى دار ثواب وعقاب ونعيم وحجيم جسمانيّين سيّما بملاحظة عدم مجازاة المحسنين والمسيئين فى هذه النشأة مع انّ وجودهما ادخل فى الزّجر عن المعاصى والحث على الطّاعات للطبقات المتوسّطات من الخلق الّذين عباراتهم عبادات الأجراء والعبيد الّذين يعملون الأعمال لأجل النّجاة عن الحجيم او لأجل الوصول الى النّعيم وامّا الأبراد واوليائه الله المخلصون وعباده المكرمون فهم انّما يعبدون الله تعالى لأجل كونه اهلا ومستحقّا وللشّوق اليه تعالى والوصول الى رحمته ورضوانه حتّى لو لم يخلق الله الجنّة والنّار لعبدوا الله حق عبادته فهم وان كانوا خائفين من العقاب وراجين للثّواب الّا انّ عباداتهم ليس لأجل ذلك كما قال اميرهم ع ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا فى جنّتك بل وجدتك اهلا للعبادة فعبدتك ومقصوده نفى كون عبادته ع لأجل ذلك لا انّه لم يكن خائفا وراجيا كيف وقد مدح الله اقواما بذلك حيث قال تعالى يدعون ربّهم خوفا وطمعا وقال فى نهج البلاغة فى مقام مدح طائفة لو لا الآجال الّتى كتب الله عليهم لمّا استقرّ ارواحهم فى اجسادهم شوقا الى الثواب وخوفا من العقاب وما يتضمّن الخوف والرّجاء من ادعيتهم ع اكثر من ان يحصى بل لا يظنّ ذلك جاهل فضلا عن العالم فتبيّن بما ذكرنا ثبوت البرهان العقلى على ثبوت الجنّة والنّار الجسمانيتين مضافا الى الآيات والاخبار المتواترة والضّرورة الدينيّة وان تعبير بعض الحكماء فى مقام بيان المعاد والجنّة والنّار الجسمانيات بلفظ ولو صحّ غلط واضح ومن الجنبة الثانية وهى جنبة العلم والحكمة قد تصدر عنه تعالى اوامر ارشادية غيرية مثل قوله تعالى (إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ