فحجّية متفاهم المتأخّرين عن زمان الخطاب وظنونهم يحتاج الى دليل آخر غير ما دلّ على حجّية متفاهم المخاطبين المشافهين لمنع الإجماع عليه بالخصوص ولا يمكن اثبات ذلك الّا بوجهين الأوّل دليل الانسداد وهو الّذى قصدناه والثانى ان يكون الكتاب العزيز من قبيل تأليف المصنّفين الّذين يقصدون بكتابهم بقائه أبد الدّهر ليفهم منه المتأمّلون على مقدار فهمهم ويعملون عليه وكذلك المكاتيب والمراسيل الواردة من البلاد البعيدة وهو ممنوع سيّما فيما اشتمل على الأحكام الفرعيّة ولا ينافى ذلك تعلّق الغرض ببقائه أبد الدّهر لحصول الأعجاز وساير الفوائد اذ ذلك يحصل بملاحظة البلاغة والأسلوب مع قطع النظر عن الاحكام الفرعية الّتى هى قطرة من بحار فوائده والحاصل انّ دعوى العلم بانّ وضع الكتاب انّما هو على وضع تأليف المصنّفين سيّما فى الأحكام الفرعيّة دعوى لا يفى باثباتها بيّنة فان قلت ان اخبار الثقلين وما دلّ على عرض الاخبار على الكتاب يدلّ على انّ الكتاب من هذا القبيل قلت بعد قبول علميّة تلك الأخبار صدورا كما هو ظاهر بعضها نمنع اوّلا دلالتها على التمسّك بمتفاهم اللّفظ من حيث هو لم لا يكون المراد لزوم التمسّك بالاحكام الثّابتة والمرادات المعلومة عنه كما هو ثابت فى اكثرها وكذلك ما دلّ على عرض الأخبار على الكتاب وثانيا بعد تسليم ذلك نقول انّ دلالتها على التمسّك بالألفاظ والعرض عليها يعنى بظواهرها على ظواهرها ظنيّة اذ ذهب جماعة من الأخباريّين الى انّ المراد التمسّك بما فسّرها الأئمّة بها والعرض على ما فسّروه به وإن كان خلاف الظّاهر فح ننقل الكلام الى هذه الأخبار ونقول ان دلالتها على ما نحن فيه انّما يتمّ لو قلنا بالعلم بانّ تلك الأخبار ايضا من قبيل تأليف المصنّفين او ندّعى العلم بان متفاهم المخاطبين بها علما او ظنّا كان ذلك وانّى لك باثبات العلم فى المقامين الثالث سلّمنا ان الكتاب العزيز من باب تصنيف المصنّفين لكن مقتضى ذلك ان يكون الظنّ الحاصل منه حجّة من جهة انّه ظنّ حاصل منه والمفروض انّ الظّنون الحاصلة منه اليوم ليست ظنونا حاصلة منه فقط بل هى حاصلة بعد ملاحظة المعارض والعلاج والسّوانح الّتى حصلت فى الشّريعة فهى ظنون حاصلة للمجتهد بنفس الأمر بعد ملاحظة المجتهد للأدلّة وجرحها وتعديلها لا ظنّ حاصل من الكتاب الرّابع ان عموم هذه الآيات مخصّص ببعض الظنون كالبيّنة والإقرار وقد وقع النّزاع فى حجّية العامّ المخصّص فكيف يمكن دعوى الاجماع