من جهة أخرى ثم انها قد تستعمل في قصر الموصوف على الصفة وقد تستعمل في عكس ذلك وهو الغالب ، وعلى الأول فهي تستعمل في مقام التجوز أو المبالغة كقولنا (انما زيد عالم أو مصلح) أو ما شاكل ذلك ، مع ان صفاته لا تنحصر به حيث ان له صفات أخرى غيره ، ولكن المتكلم بما انه بالغ فيه وفرض كأنه لا صفة له غيره فجعله مقصوراً عليه ادعاء وعلى الثاني فهي تفيد الحصر كقولنا (انما الفقيه زيد مثلا) و (انما القدرة لله تعالى) وما شاكل ذلك ، فانها تدل في المثال الأول على انحصار الفقه به وان فقه غيره في جنبه كالعدم. وفي المثال الثاني على انحصار القدرة به سبحانه وتعالى حيث ان قدرة غيره في جنب قدرته كلا قدرة وان كان له أن يفعل وله ان يترك ، الا ان هذه القدرة ترتبط بقدرته تعالى في إطار ارتباط المعلول بالعلة ، وتستمد منها في كل آن بحيث لو انقطع الإمداد منها في آن انتفت القدرة في ذلك الآن ، وقد أوضحنا ذلك بشكل موسع في ضمن البحوث المتقدمة في مسألة الأمر بين الأمرين فالنتيجة ان هذه الكلمة غالباً تستعمل في قصر الصفة على الموصوف وهي تفيد الحصر عندئذ. نعم قد تستعمل للمبالغة في هذا المقام أيضا ، وعندئذ لا تدل على الحصر.
ثم ان العجب من الفخر الرازي حيث أنكر دلالة كلمة (انما) على الحصر وقد صرح بذلك في تفسير قوله تعالى «انما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون» فانه بعد إنكاره ان المراد من الذين آمنوا إلخ في الآية ليس هو علي بن أبي طالب عليه الصلاة والسلام كما قال الشيعة ، بل المراد منه عامة المؤمنين قال ان الشيعة قد استدلوا على ان الآية نزلت في حق علي عليهالسلام بأن كلمة (انما) للحصر وتدل على حصر الولاية بالله وبرسوله وبالذين الموصوفون بالصفات