القدرة والسلطنة المعبر عنهما بالاختيار. هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى ان الله عزوجل قد خلق النّفس للإنسان واجدة لهذه السلطنة والقدرة ، وهي ذاتية لها وثابتة في صميم ذاتها ، ولأجل هذه السلطنة تخضع العضلات لها وتنقاد في حركاتها ، فلا تحتاج النّفس في إعمالها لتلك السلطنة والقدرة إلى إعمال سلطنة وقدرة أخرى.
ومن هنا يظهر فساد ما قيل من ان الاختيار ممكن ، والمفروض ان كل ممكن يفتقر إلى علة ، فاذن ما هو علة الاختيار. ووجه الظهور ما عرفت من ان الفعل الاختياري يحتاج إلى فاعل وخالق ، لا إلى علة ، والفاعل لهذه الصفة أي صفة الاختيار هو النّفس غاية الأمر انها تصدر منها بنفسها أي بلا توسط مقدمة أخرى وسائر الأفعال تصدر منها بواسطتها.
وقد تحصل من مجموع ما ذكرناه امران :
(الأول) ان الفعل الاختياري انما يصدر عن الفاعل باعمال قدرته لا بالإرادة نعم الإرادة قد تكون مرجحة لاختياره.
(الثاني) ان اختيار النّفس للفعل وان كان يفتقر غالباً إلى وجود مرجح إلا انه ليس من ناحية استحالة صدوره منها بدونه ، بل من ناحية خروجه عن اللغوية.
ولشيخنا المحقق (قده) في هذا الموضوع كلام حيث انه (قده) بعد ما أصر على ان الإرادة علة تامة للفعل أورد على ما ذكرناه من ان الفعل الاختياري ما أوجده الفاعل بالاختيار وإعمال القدرة وليس معلولا للإرادة بعدة وجوه وقبل بيان هذه الوجوه تعرض (قده) لكلام لا بأس بالإشارة إليه ونقده وإليكم نصه :
«ان الالتزام بالفعل النفسانيّ المسمى بالاختيار اما لأجل تحقيق استناد حركة العضلات إلى النّفس حتى تكون النّفس فاعلا ومؤثراً في العضلات